بعد تفجر الخلاف بين كل من إيران وكل من الكويت والسعودية حول حقل الدرة ​شريف عبد الحميد رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية في حوار خاص للزمان

بعد تفجر الخلاف بين كل من إيران وكل من الكويت والسعودية حول حقل الدرة ​شريف عبد الحميد رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية في حوار خاص للزمان


​- تفجر النزاع بين إيران وكلا من الكويت والسعودية حول حقل الدرة يثبت أن السلوك الإيراني لم يتغير كثيرا .
​- لا اتوقع حدوث نزاع مسلح بين كلا من السعوديه وإيران على غرار ما حدث بين العراق والكويت إبان حرب الخليج .

​عاد التوتر مرة أخرى إلى منطقة الخليج بعد فترة من الهدوء إثر اتفاق كل من إيران والسعودية على إعادة العلاقات بينهما اثر تفجر الخلاف بين كل من إيران وكل من الكويت والسعودية حول حقل الدرة ، ووسط المخاوف السائدة من تحول هذا الخلاف إلى نزاع مسلح بين الدول الثلاث أدلى شريف عبد الحميد رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية بحوار خاص للزمان تناول فيه وجهة نظره إيذاء تلك التطورات وفيما يلي نص الحوار :-

​• ما هي الأسباب التي أدت إلى تفجر الأزمة بين إيران وكل من الكويت والسعودية حول حقل الدرة النفطي في هذا التوقيت؟
– هذا النزاع على حقل الدرة ليس جديدًا، بل يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حينما منحت إيران والكويت حق التنقيب في حقول بحرية لشركتين مختلفتين، وهي الحقوق التي تتقاطع في الجزء الشمالي من حقل الدرة.
وفي عام 2015 أعلنت طهران بشكل منفرد طرح مشروع لتطوير امتداد حقل الدرّة أمام الشركات الأجنبية، وهو ما تكرر مؤخرًا على لسان رئيس شركة النفط الإيرانية الذي صرح بأن بلاده ستبدأ الحفر في الحقل الذي تسميه إيران “آراش”، تمهيدًا لبدء تركيب منصات حفر والقيام بدراسات زلزالية.
أما السبب في تجدد النزاع في هذا التوقيت، فهو تأخر استثمار حقل الدرة من قبل الرياض والكويت، وهو ما فتح شهية إيران للتدخل والاستفادة من ذلك لإثارة القضية من جديد، ما يؤكد وجود نية مبيتة لإحداث أزمات جديدة مع دول الخليج العربية.

• وما هي دلالات إثارة هذا النزاع من جديد على الرغم من المصالحة السعودية- الإيرانية الأخيرة؟
– هذا الأمر يعني – ببساطة- أن السلوك الإيراني لم يتغير كثيرًا، وأن أزمة حقل الدرة النفطي من شأنها أن تترك أثرًا سلبيًا على الاتفاق بين طهران والرياض، بشأن استئناف العلاقات بين البلدين، والذي وقع في مارس/آذار الماضي بالعاصمة الصينية بكين، الأمر الذي يثير مخاوف المراقبين بشأن مدى جدية النظام الإيراني في تنفيذ بنود هذه المصالحة التي اعتبرها البعض “تاريخية”، رغم أنه كانت هناك علاقات بين الجانبين من قبل، وكانت إيران مستمرة في تنفيذ سياستها العدوانية تجاه منطقة الخليج العربي، وتجاه الدول العربية الأخرى.

• وهل تتوقع أن يتطور الأمر إلى نزاع مسلح على غرار النزاع الذي حدث بين العراق والكويت؟
– لا أتوقع ذلك، فالنزاع على ملكية حقول النفط الذي حدث بين العراق والكويت، وأدى إلى الغزو العراقي عام 1990، كانت له ظروف إقليمية ودولية مختلفة. والحقيقة أن إيران تسعى إلى التفاوض بشكل منفرد مع الكويت، دون حضور ممثلين عن السعودية، للفصل بين البلدين الشقيقين، والاستفراد بواحدة دون الأخرى، إلا أن الكويت تُصر على رفض تلك التدابير الإيرانية.

• وما هو تأثير هذا الخلاف على العلاقات السعودية- الإيرانية بعد إعادة العلاقات بينهما ؟
– من المؤكد أن الخلاف الثلاثي سيترك أثرًا سلبيًا على العلاقات السعودية- الإيرانية كما أسلفت، خصوصًا أن هذا هو أول اختبار لحُسن نوايا النظام الإيراني. غير أن إيران في تقديري ستتردد كثيرًا، قبل القيام بأي محاولة لعرقلة استفادة الكويت والرياض من الحقل، خاصة أن الاتفاقية السعودية الإيرانية بشأن عودة العلاقات تضمنت التأكيد على مبدأ “عدم التدخل” في شؤون الدول الأخرى، وعندما تُقدم طهران على أي خطوة بشأن حقل الدرة، فإنها بذلك تخرق الاتفاقية مع المملكة العربية السعودية حول استئناف العلاقات فيما بينهما، ما يلقي بظلال من الشك على إمكانية استمرار التهدئة الحالية بين الرياض وطهران، حتى إشعار آخر.

• ما هو مستقبل العلاقات المصريه الإيرانية بعد الحديث عن احتمالات إعادتها بشكل رسمي خاصة بعد النزاع الكويتي الإيراني الأخير؟
– لا شك أن مسألة عودة العلاقات المصرية – الإيرانية ترتبط بسلوك إيران في منطقة الخليج، خاصة مع استمرار التأكيد المصري على أولوية الأمن العربي والأمن الخليجي، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. وذلك من خلال مراقبة السلوك الإيراني عن كثب، للتأكد من مدى التزام طهران بانتهاج سياسات جديدة تجاه المنطقة العربية، الأمر الذي يجعل مصر تتريث طويلا قبل عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين، خاصة بعد النزاع الأخير حول حقل الدرة.

• هل ترى أن إعادة العلاقات الإيرانية مع السعودية وتحسنها مع مصر يمكن أن يسهم في الحد من النشاطات الإيرانية في المنطقة والتي تهدد الأمن القومي العربي؟
– من الواضح للعيان أن إيران مازالت مُصرة على اتباع نفس السياسات القديمة، المُهددة للأمن القومي العربي، والتي تسببت في تحكم طهران بمقدرات 4 عواصم عربية، وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وهذا أمر يدركه كافة المراقبين، وليس في حاجة إلى بيان.

• ما هي احتمالات اندلاع نزاع عسكري بين إسرائيل وإيران في ظل التوتر السائد حاليا على الحدود بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان ؟
– احتمالات اندلاع نزاع عسكري بين إسرائيل وإيران باتت محدودة جدًا، خصوصًا بعد الأنباء عن استئناف المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني بين طهران وواشنطن بشكل غير معلن. ومثل هذه الحرب التي تروج لها تل أبيب مؤخرًا ستكون مستحيلة بدون دعم أمريكي، سياسي ولوجيستي وعسكري.
وما هو أكثر ترجيحًا في رأيي، هو قيامُ إسرائيل بهجوم جوي واسع النطاق ضد إيران ووكلائها وقواتها في سوريا ولبنان والعراق. ومن جهة أخرى، سيتركز الجهد الإيراني على هجمات ضد السفن التجارية في الخليج، وإطلاق صواريخ طويلة المدى ضد إسرائيل من سوريا ولبنان والعراق، وستحارب إيران إسرائيل، كما فعلت منذ عقود، حتى آخر عربي!

• ماذا عن مستقبل الاتفاق النووي بين إيران والغرب ؟ وهل تعمل إيران لكسب الوقت للوصول إلى صنع القنبلة النووية؟
– في ظل الظروف الدولية الراهنة، بما فيها استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية، والمخاوف من إيجاد الصين موضع قدم لها في الشرق الأوسط، لا أستبعد سعي الولايات المتحدة إلى التوصل إلى اتفاق معين بين واشنطن وطهران نتيجة للمفاوضات السرية حول استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة، وذلك لكون الإدارة الأمريكية الحالية إدارة ضعيفة، وهي تنتهج نفس السياسة “الأوبامية” نسبة إلى الرئيس الأسبق باراك أوباما، تجاه إيران، وهي تبحث عن أي انتصار سياسي من شأنه أن يدعم فوز جو بايدن بولاية ثانية، مقابل تريث إيران في صنع القنبلة النووية، بعد أن باتت على عتبة خطوات منها.

حاوره/ مصطفى عمارة

إرسال التعليق