سحرة فرعون

سحرة فرعون


​رغم مرور آلاف السنين على قصة سيدنا موسى وفرعون والتي تجبر فيها فرعون وطغى وقال أنا ربكم الاعلى فأغرقه الله في اليم فإن تلك القصة رغم مرور تلك السنوات الطويلة لازالت تتكرر حتى اليوم رغم تغيير الحكام الطغاه ولعل السبب الأساسي الذي أوصل فرعون إلى تلك الحالة هو حاشيته الذين ناصروه في تجبره وطغيانه وهم يعلمون أنه على باطل حتى اعموا قلبه عن الحق طمعا في مكاسب دنياوية ذائلة وهو ما وصفه الله في كتابه العزيز فاستخف قومه فاطاعوه أنهم كانوا قوم فاسقين ورغم المصير المؤلم الذي لقيه فرعون وسحرته والذي كان يمكن أن يكون عبرة لكل متجبر وطاغي وحاشيته الذين ايدوه بالباطل إلا أن تلك القصة تكررت عبر التاريخ ولازالت تتكرر في العالم العربي والإسلامي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما وصل الملك فاروق إلى الحكم كان قريبا من الشعب وقرب إليه العلماء ورجال الدين وبعد سنوات انقلبت تلك الصورة إلى نقيضها بفعل الحاشية التي أحاطت به حتى كانت نهايته المشؤومة والتي أنهت حكمه بعد ثورة ٢٣ يوليو التي قادها الزعيم الراحل عبد الناصر والذي قاد ثورة لتطهير البلاد من الملك الفاسد وحاشيته كما نادى بمبادئ ستة لإقامة حياة ديمقراطية وتحقيق عدالة اجتماعية وغيرها من المبادئ التي لو تحققت لغيرت وجه مصر ورغم الانجازات التي حققها عبد الناصر من توزيع الاراضي على الفلاحين وإقامة قاعدة صناعية ومشروعات أفادت مصر كثيرا كالسد العالي والذي لولاه لتعرضت مصر إلى كارثة حقيقية بعد بناء سد النهضة وكالعادة التفت بطانة السوء عليه وصورته بأنه الزعيم الملهم الذي لا يخطئ وكان نتيجة هذا أن تغافل عبد الناصر عن أخطاء كارثية أدت في النهاية إلى هزيمة عام ٦٧ وانفصال مصر عن سوريا وهو ما أدركه عبد الناصر بعد النكسة ولكن بعد فوات الاوان وتكرر الأمر مع السادات والذي تحول إلى ديكتاتور بعد نصر اكتوبر واضاف بالراي الآخر خاصة من الذين انتقدوه بعد معاهدة كامب ديفيد وزج السادات بآلاف السياسيين ورجال الدين في السجون حتى انتهى الأمر باغتياله ورغم الآمال التي أحبطت بمبارك في السنوات العشر الأولى من حكمه إلا أن بطانة السوء وحاشيته أبعدته عن نبض الجماهير خاصة بعد سيطرة جمال مبارك وحاشيته من رجال الأعمال الذين نهبوا ثروة مصر وكان تزوير اخر انتخابات بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير والتي أطاحت بنظامه بعد ثورة يناير وان كان لا يمكننا الحكم على فترة حكم مرسي والتي لم يمارس صلاحيات الحكم بصورة حقيقية في فترة مفحمة بالاضطرابات كادت تؤدي بالبلاد إلى حرب أهلية إلا أن الآمال وضعت على الرئيس السيسي والذي وعد الشعب بعد توليه السلطة بتحقيق الاستقرار والرخاء وكان يمكنه تحقيق ما وعد به خاصة أن غالبية الشعب كانت تتطلع إلى عهد جديد يحقق لها الرخاء والتقدم بعد طول معاناة إلا أن تلك الامال ذهبت أدراج الرياح بعد أن تراكمت الديون بفعل تزايد الاقتراض غير المبرر لإقامة مشروعات لم يستفيد منها إلا الطبقة الثرية في الوقت الذي زادت فيه معاناة الطبقة الفقيرة حتى أصبحنا أمام طبقتان طبقة بالغة الثراء حصلت على أموالها من نهب مقدرات الشعب وطبقة تعاني من فقر مضجع لا تقوى على مواجهة الأعباء اللازمة لإقامة حد أدنى من المعيشة كما أصبح التعليم في أسوأ حالة له بفعل تردي العملية التعليمية التي أصبحت تجارة يقودها أباطرة الدروس الخصوصية وكانت الكارثة الكبرى في الفشل في مواجهة مخططات اثيوبيا في إقامة سد النهضة والذي سوف يؤدي إلى كارثة مائية تهدد حياة الشعب المصري، وفي مواجهة تراكم الديون التي وصلت إلى أرقام فلكية لجأت الدولة إلى بيع أصولها لمستثمرين اجانب وعرب خاصة من الامارات التي أصبحت وكيل إسرائيل في المنطقة وهو ما يهدد عودة الاستعمار إلى مصر بصورة جديدة متمثلة في الغزو الاقتصادي والفكري ورغم تلك الكوارث التي تواجهها مصر فإن سحرة فرعون الذين أضاعوا مصر في عصر سيدنا موسى يعودون مرة أخرى عبر مسرحية انتخابية هزلية لإعادة انتخاب الرئيس السيسي مرة أخرى أمام معارضة هزلية لا معنى لها بدعوى استمرار الانجازات ولا اعلم أي انجازات يتحدثون عنها ورغم تلك المسرحية الهزلية إلا أنني ارفض أن يكون التغيير من خلال الثورة أو العنف لأن ذلك سوف يؤدي إلى كارثة اكبر من الكارثة التي تواجهها خاصة أن الساحة لا يوجد بها وجوه تصلح لإدارة البلاد ولكن كل ما أطالب به هو استمرار المعارضة السلمية من خلال بدائل تنقذ البلاد من الكارثة التي تواجهها كما أنني في نفس الوقت وحرصا مني على الاستقرار وتجنيب البلاد ثورة أخرى سوف تاكل أمامها الاخضر واليابس فإنني أناشد الرئيس السيسي والذي من المنتظر أن يتولى الحكم لفترة أخرى أن يستمع باذن صاغية للرأي الآخر من أبناء مصر المخلصين من خلال إصلاحات يقودها الخبراء والمتخصصين كل في تخصصه ومن خلال نظام يشارك فيه حاكم ديمقراطي يستمع للرأي الآخر وحكومة يديرها الخبراء والمتخصصين يمكن لمصر تجاوز أزمتها لتعود كما كانت قائدة لامتها وتتقلد مكانتها الحقيقية في عالم لا يعترف إلا بالاقوياء .

​مصطفى عمارة

Previous post

تصاعد الاحتجاجات على طرد الأساتذة ودفاع رئيسي ووزير الداخلية وحيدي وقيادات أخرى للنظام عن التصرفات

Next post

تطورات خطيرة في ملف سد النهضة ​اثيوبيا تغلق بوابة التصريف الغربية وتمنع وصول مياه النيل إلى مصر والسودان وخبير مياه يكشف عن طلب اثيوبيا من مصر إعادة تقسيم حصة مياه النيل

إرسال التعليق