لماذا انتصرت إسرائيل وتخلف العرب

لماذا انتصرت إسرائيل وتخلف العرب

 

لم يكن نجاح اليهود في إقامة دولة إسرائيل عام 1948 رغم أن عدد سكانهم لم يتعدى وقتها سوى أقل من مليون شخص محض مصادفة فلقد سعى اليهود منذ مؤتمرهم الشهير بقيادة تيودورهر إلى وضع أسس قيام تلك الدولة وتحقيق حلمهم في إقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات وانتهز اليهود فرصة الحرب العالمية الأولى وحاجة بريطانيا والتي كانت تعد القوة الأولى في ذلك الوقت إلى تمويل رجال الأعمال اليهود لها للضغط عليها حتى أصدر بلفور وزير خارجيتها في ذلك الوقت تصريحه الشهير بحق اليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين وعقب هذا التصريح تدفق اليهود إلى فلسطين وقاموا بتكوين عصابات مدربة شاركت في الحرب العالمية الأولى لتكوين النواه الاولى للجيش الإسرائيلي واستعملت تلك العصابات كل أساليب الإرهاب لإجبار سكان البلد الأصليين على ترك منازلهم وعندما تبين للدول العربية وعلى رأسها مصر خطورة هذا المخطط قررت الجيوش العربية وعلى رأسها الجيش المصري دخول فلسطين لنجدة أهلها إلا أن تخلف تسليح تلك الجيوش والتي كان يرزح معظمها تحت الاحتلال وخيانة بعضهم لبعض إلى هزيمتها في الحرب والإعلان عن قيام دولة إسرائيل في شهر مايو عام 1948 وبمباركة من الأمم المتحدة التي تسيطر عليها القوى الكبرى والتي سارعت بالاعتراف بها وتقديم الدعم العسكري والمالي لها حتى أصبحت إسرائيل خلال سنوات قليلة واحدة من أقوى دول المنطقة ليس فقط نتيجة الدعم الغربي لها ولكن لأنها قامت على تخطيط سليم وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها اختيار رئيس الوزراء وفق انتخابات ديمقراطية واستقطاب العلماء اليهود من كل دول العالم فضلا على أن تلك الدولة قامت على أسس عقائدية قائمة على أساس دولة إسرائيل في ارض الميعاد التي بشر بها الانبياء ويقودها شعب الله المختار الذي اصطفاه الله ليحكم الأرض وسعى اليهود إلى وضع مخطط للعبث بالأماكن المقدسة وعلى رأسها المسجد الأقصى لإقامة ما يسمى بهيكل سليمان وكان طبيعيا أن تنتصر تلك الدولة القائمة على أسس ديمقراطية وعقائدية ووفق التخطيط العلمي الذي جعلها واحدة ليس فقط من أقوى دول المنطقة بل أقوى دول العالم على الرغم من أن عدد سكانها لم يتجاوز ملايين قليلة على دول عربية وإسلامية يصل عدد سكانها إلى أكثر من مليار نسمة ولكنها تفتقد إلى الديمقراطية الحقيقية واحترام حقوق الإنسان والتخطيط العلمي السليم وغياب العقيدة السليمة وهو ما عبر عنه الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام الذي حوكم في قضية التجسس الشهيرة على مصر وكان الإفراج عنه هو الشغل الشاغل لكل حكام إسرائيل حتى تم الإفراج عنه بضغوط على مصر وعندما عاد إلى مطار البلد استقبله رئيس وزراء إسرائيل وعندما سأله أحد الصحفيين هل كنت قلق من عدم الإفراج عنك قال لا لأن إسرائيل تحترم مواطنيها كما قامت إسرائيل بحربها الشهيرة ضد حزب الله منذ عدة سنوات لمجرد اختطاف الحزب جنديين إسرائيليين ولعل تلك الواقعة فضلا عن الوقائع الأخرى التي تبين احترام إسرائيل لمواطنيها والتي كان آخرها رد إسرائيل الذي تجاوز كل الحدود على هجوم حماس في 7 اكتوبر الماضي ولعل هذا هو الذي جعل اليهود في إسرائيل يدافعون عنها رغم أن تلك الأرض ليست ارضهم ولكن لأن حكوماتهم المتعاقبة احترمت انسانيتهم هذا في الوقت الذي جعل الحكام العرب شعوبهم يشعرون أنهم عبيد داخل بلادهم وأصبح هم هؤلاء الحكام الحفاظ على كراسيهم بالتزوير والبطش وأصبح ولائهم للغرب الذي أتى بهم ويمكن أن يخلعهم في أي وقت بعد أداء مهمتهم وكان من نتاج ذلك كله أن أصبح المواطن العربي غريبا في بلده يشعر أن تلك الأرض ليست أرضه ولعل قصة فرعون التي ذكرها الله في القرآن لهي أصدق تعبير عن الوضع الذي نعيشه حاليا عندما قال فرعون لقومه أنا ربكم الأعلى فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ، ولاشك أن الوضع المذري الذي وصلنا إليه من ذل ومهانة من دول العالم تتطلب منا إعادة تقييم المسار كحكام ومحكومين بالعودة إلى الله ليس فقط في العبادات ولكن قبل ذلك كسلوك لأن الدين المعاملة ولاشك أن انتصار العرب والمسلمين ونجاحهم في فتح مشارق الأرض ومغاربها وهم قلة لهو درس لنا جميعا بأن النصر والتقدم ليس بالعدد ولكن بالإيمان القائم على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وبهذا فقط تعود دولة الإسلام إلى مجدها القديم ويحق فينا قول الله عز وجل كنتم خير أمة أخرجت للناس.

مصطفى عماره

إرسال التعليق