مع استمرار الحرب في غزة د/ جمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطني في أراضي 48 وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق في حوار خاص للزمان
– عرب 48 شاركوا اخوتهم في غزة بالمظاهرات التي قابلتها السلطات الإسرائيلية بمزيد من القمع .
– الحملات الشعبية المناهضة للحرب في أوروبا والولايات المتحدة كان لها تأثيرها الإيجابي على صانعي القرار في تلك الدول .
– السلطة الفلسطينية سيتغير تركيبها بعد الحرب .
على الرغم من استمرار أحداث الكرب على غزة إلا أن تلك الحرب أفرزت العديد من المتغيرات على الساحة الفلسطينية وعلى صانعي القرار في أوروبا والولايات المتحدة ، وفي محاولة لتقييم اثار تلك الحرب على الصعيد الداخلي والخارجي كان لنا هذا الحوار مع د. جمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطني في أراضي 48 وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق :-
1. ما هو الدور الذي قام به عرب ٤٨ خاصة الكتلة العربية في الكنيست لدعم أهالي غزة؟
عرب 48 مثل بقية الشعب الفلسطيني والأمة العربية يقفون الى جانب شعبهم في غزة، وقد جرت بعض المظاهرات وقامت الشرطة الإسرائيلية بقمعها بالقوة واعتقلت الكثيرين، وأعلنت أن المظاهرات ممنوعة بتاتا خلال فترة الطوارئ أيام الحرب. كما قامت الشرطة والمخابرات باعتقال المئات من فلسطينيي 48، لمجرد أنهم نشروا عن فظائع ما يجري في غزة على منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك قامت الجامعات بطرد العشرات من الطلاب العرب بسبب إبداء رأيهم، وتعرض الكثيرون للفصل من العمل لنفس الأسباب.
أعضاء الكنيست العرب ينقسمون الى قسمين: القائمة الموحدة برئاسة منصور عباس تحاول إرضاء الحكومة والرأي العام الإسرائيلي بتصريحات يرضى عنها الإسرائيليون. في المقابل ينتقد نواب الجبهة والتغيير حرب إسرائيل على غزة ويشجبون الجرائم بحق المدنيين، ويتعرضون جراء ذلك لتحريض غير مسبوق.
الأجواء في إسرائيل عموما فاشية وهناك كم للأفواه وملاحقة بوليسية لكل من يعبّر عن رأيه.
2. ما هي انعكاسات تلك الحرب في تعامل السلطات الإسرائيلية معكم؟
هناك تغيير دراماتيكي الى الأسوأ في تعامل السطات الإسرائيلية مع فلسطينيي 48. وقد جرى تمرير قانون في الكنيست يعاقب من يشاهد “فيديوهات حماس”، وتقوم الشرطة بمنع التظاهر وتعتقل الناس وهم في طريقهم للمظاهرة. الأجواء في الرأي العام الإسرائيلي أكثر عداء للعرب، وتدل كل المؤشرات أن فلسطينيي 48، في مرحلة جديدة وخطيرة في تعامل الدولة الإسرائيلية معهم. ويتجلّى ذلك في محاولات غير مسبوقة لسحب المواطنة، لمجرد التعبير عن الرأي، وهذا أمر في غاية الخطورة لأن سحب المواطنة يعني البدء بالتهجير.
3. ما هي حسابات الربح والخسارة لكل من إسرائيل وحماس من تلك الحرب؟
لم تنته الحرب، ومن المبكر إجراء تلخيص حسابات الربح والخسارة، ولكن هناك بعض الأمور التي يمكن تلخيصها ولن تغيّرها نتيجة الحرب مهما كانت.
في الميزان الإسرائيل الخسارة فادحة، بعد ضربة السابع من أكتوبر، حيث انهارت تماما العقيدة الأمنية المكوّنة من أربعة ركائز: ردع وإنذار ودفاع وحسم. فقد تبين أن كل ما فعلته إسرائيل لم يردع حماس وكان الهجوم، وإسرائيل في مأزق كيف تردع من هو غير قابل للردع ويدخل الصدام بلا حساب لموازين القوى. وكذلك فشلت تماما منظومة الإنذار التي تتباهى فيها إسرائيل، والتي رصدت لها مليارات الدولارات في التجسس الإلكتروني والمراقبة بالطائرات والمسيّرات وأبراج المراقبة، وكذلك وحدات الاستشعار الخاصة مثل الوحدة 8200 في شعبة المخابرات العسكرية، إضافة لجهاز الشاباك. أما الدفاع فقد تهاوى تماما وبرزت هشاشة الجدار المحيط بغزة والذي كلّف المليارات، وانكسرت القوات العسكرية المرابطة حوله، ودخلت قوات حماس إلى منطقة محيط غزة وتغلبت على فرق الجيش هناك. بقي الحسم، ويبدو أن إسرائيل لن تستطيع حسم المعركة كما تريد، وهي عمليا لم تحسم أي معركة عسكرية منذ حزيران 67. وخسرت إسرائيل كذلك بقضية الصهيونية المركزية وهي انها توفر الحماية لليهود، كما تقلت ضربة في موضوع الاستيطان، حيث نزح ما يقارب 200 ألف إسرائيلي عن منازلهم. أمّا من حيث الربح، فيبدو أن الأمر المهم والذي له وزن فعلي هو وقوف الولايات المتحدة إلى جانبها، وإرسال قوات أمريكية برية وبحرية وجوية لحماية إسرائيل ان هي تعرضت لهجوم تعجز عن صدّه. هذا تطور لافت لأن في رسالة إلى إيران وحلفائها بأن الدولة الإسرائيلية ليست وحدها والولايات المتحدة معها بكل جبروتها إذا اقتضى الأمر. ما حدث في هذا السياق يوجه رسالة ردع الى إيران وغيرها، وهذا مفيد جدا لإسرائيل بعض ان تآكل ردعها بشكل غير مسبوق في السابع من أكتوبر.
الحقيقة أنه من الصعب الحديث عن ربح وخسارة في ظل فظاعة ما يحدث من دمار وإبادة في غزة. ومع ذلك فإن حركة حماس أثبتت بأن إسرائيل ليست كلية القدرة وأنه يمكن توجيه ضربات موجعة لها. كما حظيت حركة حماس بدعم شعبي فلسطيني جارف، وبمساندة عربية من المحيط إلى الخليج، وهي اليوم لاعب مركزي بكل ما يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية. كما اثبتت حماس بصمودها انها قوة عسكرية جدية وأن إسرائيل لن تستطيع اقتلاعها. أما من ناحية الخسارة فإن حماس خسرت مثلما خسر الشعب الفلسطيني كله بعد تدمير مدينة غزة والعدد الهائل من الضحايا.
4. ما هي السيناريوهات المتوقعة التي يمكن أن تتمخض عنها؟
هناك عدة سيناريوهات متوقعة، قد تتمخض عنها الحرب:
أولا، أن تتورّط إسرائيل في غزة وأن لا تستطيع تحقيق أهدافها وحسم المعركة، ولا ان تنسحب لأن معنى الانسحاب هو الفشل والهزيمة، بمعايير المجتمع والرأي العام في إسرائيل، الذي وعدته قيادته بالقضاء على حماس. سيناريو استمرار الحرب بوتيرة أقل شدّة ولمدة طويلة دون حسم، هو الأرجح.
ثانيا، أن تستطيع إسرائيل تفكيك القدرات العسكرية لحركة حماس، وتفرض تسوية تتلوى فيها السيطرة العسكرية وتقوم في غزة إدارة مدنية تتولى القضايا الحياتية الجارية. وهذا سيناريو مستبعد لأنه من الصعب جدا على إسرائيل حسم المعركة كما تريد.
ثالثا، أن تأتي مبادرة تسوية أمريكية (وربما بالتعاون من أوروبا وبعض الدول العربية) لوقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية من غزة مقابل ضمانات وترتيبات أمنية معينة. وهذا السيناريو أيضا مستبعد برأيي.
5. هل تتوقع أن تؤدي الحملات الشعبية المناهضة للحرب إلى تغيير سياسات الدول المؤيدة لإسرائيل منها؟
لقد بدأت الحملات الشعبية المناهضة للحرب بالتأثير على الحكومات المؤيد لإسرائيل، ويظهر ذلك في تغيير النبرة في تصريحات القادة في فرنسا وانجلترا وحتى الولايات المتحدة. هذه حملات في غاية الأهمية وهي ذخر استراتيجي للشعب الفلسطيني، حيث يتعاظم التضامن معه وتزداد القناعة بأن إسرائيل هي المسؤولة عن المآسي وسفك الدماء وعن غياب السلام العادل.
6. هناك من يشير بأصابع الاتهام إلى إيران بأن لها دور في تحريك حركة حماس لتحقيق أجندات خاصة بها. فما حقيقة ذلك؟
هناك انتقادات كثيرة للسياسات الإيرانية، لكن ليس صحيحا ان إيران هي التي دفعت حماس للقيام بما قامت به. وتحاول إسرائيل ومعها الولايات المتحدة زج الاجندة الإيرانية، بهدف التشديد على محاصرة إيران من جهة وضرب شرعية النضال الفلسطيني ضد الاحتلال بادعاء أنه مرتبط بإيران، وكأن السبب ليس الاحتلال والحصار واستباحة المقدسات وتوسيع الاستيطان.
7. ما هو تقييمك للاقتراح الذي طرحه الرئيس السيسي بإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح؟
التأكيد على إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة مهم جدا، وهناك حاجة لطرح طريق للخروج من المأساة نحو الاستقلال الوطني الفلسطيني. اعتقد ان المرجعية يجب ان تكون القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وربما يكون الحل بأن يكون للدولة الفلسطينية ما يكفيها للدفاع عن نفسها إن هي تعرضت للهجوم، كما يجب في المقابل وضع قيود على التسلح الإسرائيلي المنفلت والذي يشمل أيضا أسلحة نووية، آن الأوان لنزعها كجزء من شرق أوسط خال من السلاح النووي.
8. هل ستؤدي تلك الحرب إلى تقليص أو إنهاء سلطة عباس بالضفة وحركة حماس بغزة؟
يبدو أن كل شيء سيتغير بعد الحرب، بما فيها السطلة الفلسطينية، التي لن يمكنها الاستمرار كما كان، وسيكون هناك تغيير في تركيبتها. وإذا كانت هناك مبادرات سياسية رشيدة، فهي ستقوم بلم شمل الكل الفلسطيني تحت سقف قيادة وطنية موحدة تشمل كافة القوى الوطنية والإسلامية.
حاوره/ مصطفى عمارة
إرسال التعليق