ضرورة دمج العلوم الشرعية بالعلوم العصرية والإنسانية

ضرورة دمج العلوم الشرعية بالعلوم العصرية والإنسانية

العلامة السيد  محمد علي الحسيني

إن العلوم الشرعية هي العلوم التي يكون موضوع دراستها الشريعة الإسلامية بمختلف جوانبها، سواء ما تعلق بدراسة القرآن الكريم وتفسيره، أم دراسة علم الحديث، أم علم العقيدة، أم علم الفقه وأصوله… فالعلوم الشرعية هي المعنية بدراسة وفهم الإسلام، وإدراك كل مفاصله، وفهم كل ما يتعلق ويرتبط به لتنوير حياة البشر.ولا شك أن العلوم الشرعية ليست منعزلة عن بقية العلوم، بل هي في علاقة تأثير وتأثر مع مختلف العلوم؛ كعلم النحو والصرف، والعلوم الطبيعية، والتاريخ، والأدب.. ناهيك عن العلوم التكنولوجية التي أصبحت تفرض واقعا جديدا ينبغي الاستفادة منها لما فيه خدمة للعلوم الشرعية.في المقابل فإن من الضروري ألا تبقى العلوم الشرعية حبيسة نمط كلاسيكي ربما لا يتوافق مع متطلبات العصر الراهن، بل ينبغي أن تكون على تماس مع جميع العلوم الأخرى؛ لذا نرى أنه لا بد من إحياء منهج التعليم الشرعي ودراسته على ضوء المناهج الأكاديمية.

صلة العلوم الشرعية بالعلوم العصرية

لا شك أن هناك هدفا مشتركا تقوم عليه العلوم بشكل عام بما فيها العلوم الشرعية، فكلها تصب في غاية واحدة وهي خدمة الإنسان وإرشاده على سراط خوض غمار الدنيا. وبما أن العلوم الشرعية تشكل دعامة ورافعة لشتى العلوم الأخرى، فمن المهم جدا التأكيد على أن عمارة الأرض بكل مفاهيمها لا يمكن أن يتم إلا من خلال التكامل في الرؤية المشتركة للعلوم الشرعية مع بقية العلوم العصرية. ولا ننسى أن أول آية أنزلت على رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم هي: (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، وهذا يعني أن نغرس في قلب كل طالب علم – مهما كان تخصصه – أن يجعل هدفه الجوهري هو رضا المولى (عز وجل) الذي حث على طلب العلم بل جعله فريضة؛ كما جاء في الحديث: «طلب العلم فريضة على كل مسلم».من الخطأ اعتبار علوم الدين منعزلة عن دائرة الحياة، بجعلها قطب الرحى لجميع مناحي الحياة وعلومها؛ لذلك من المهم العمل على غربلة تراثنا الإسلامي وثقافتنا من كل الخزعبلات التي لا أساس شرعي لها، بل لا بد من الاستفادة من كل التطورات الجديدة.

أهمية انفتاح العلوم الشرعية مع التخصصات العلمية

إن الإسلام دين حياة جعله الله نورا وهداية للعالمين، فاشتمل القرآن الكريم على الكثير من المعجزات الكونية التي مازال الغرب يدير الأبحاث لكشفها ومعرفتها، بل إن القرآن الكريم يحتوي على كثير من الظواهر الكونية والطبيعية والاجتماعية والنفسية. وهذا ما يدفعنا إلى التأكيد على ضرورة التعاون بين الجامعة الإسلامية والجامعات الأكاديمية بكل تخصصاتها، لإحياء دور العلوم الشريعة الإسلامية والاستفادة منها.كما نأمل أن نرى العلم الشرعي ملازما لعلم الصيدلة وعلم الحاسوب والهندسة وعلم الفلك والزراعة ومختلف العلوم العلمية والإنسانية، لما لها من فائدة ومنفعة ومصلحة اجتماعية تخدم العلوم الشرعية ومختلف التخصصات الأخرى.
كما نتطلع إلى أهمية انفتاح رابطة الجامعات الإسلامية مع الجامعات الأكاديمية، وندعو إلى ضرورة وأهمية انتهاج العلوم الشرعية لمنهج الاعتدال والوسطية بالفكر والقول والعمل، واعتماد المناهج العلمية بعيدا عن التطرف والكراهية والتشدد الذي يقف عثرة كأداء تعرقل حركة وعجلة التقدم أمام أمل الأجيال في تحقيق غاية العلوم بكل أنواعها في خدمة العنوان الجوهري، وهو عمارة الأرض وتسهيل حياة البشر الذي دعانا إليه رب العباد؛ قال تعالى: «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها».وإنني حاضر للمساهمة العلمية نظرا لخبرتنا وتجربتنا في مشروع إطلاق منهج تعليمي جامعي إسلامي إنساني يلبي متغيرات العصر من التقدم والتطور والحاجة لدمج العلوم الشرعية بالإنسانية.«وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

Previous post

اربعين يوم على رحيلك عنا مر 40 يوم على رحيلك…لا الصبر مكَّننا من النسيان ولا الأيام أقنعتنا برحيلك…. ولا رحيلٌ بعد رحيلك يُذكر…

Next post

عقب تلميحات النظام الإيراني بوجود رباط بين أحداث السابع من أكتوبر في غزة ومقتل قاسم سليماني صلاح أبو شريف الأحوازي الأمين العام للجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية في حوار خاص للزمان

إرسال التعليق