فك رموز التصريحات المتناقضة من مسؤولي الدولة الإيرانية بشأن مقتل رضي موسوي
بقلم فريد ماهوتشي
يجب على العالم أن يتوقف عن تلقي التصريحات المتناقضة من المسؤولين الإيرانيين في ظاهرها
في الأيام الأخيرة، ظهرت تصريحات متضاربة من مختلف السلطات داخل حرس الملالي بشأن رد طهران على مقتل رضي موسوي. في البداية، عندما أعلنت وسائل الإعلام الرسمية عن وفاة قائد اللوجستيات في حرس الملالي، عكست شبكات التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية فرحة واسعة النطاق بين الإيرانيين في الداخل والخارج.
وفي نهاية المطاف، فإن ما بدأ ككشف عن نقاط الضعف العسكرية والأمنية للنظام تطور سريعاً إلى ظاهرة اجتماعية وسياسية كبيرة، ومن المحتمل أن تحمل آثاراً أكثر عمقاً على نظام يؤكد هيمنته الإقليمية ولكنه يناضل من أجل حماية قياداته العليا.
وفي محاولة أخيرة لتأكيد السلطة، اعتلى الجنرال رمضان شريف، المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري الإيراني، المنصة على الفور، وهدد بالانتقام وأعلن أن هجمات 7 أكتوبر ضد إسرائيل كانت “ردًا على مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني على يد الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وسرعان ما أثارت التعليقات جدلا إعلاميا عالميا، مما مهد الطريق لتطورات خطيرة محتملة. وفي حين أن هذه التداعيات سيكون لها تأثير مباشر على النظام الإيراني، فإن الأفراد في الغرب الذين امتنعوا استراتيجيًا عن الاعتراف بتورط طهران في الصراع المميت في غزة لاعتبارات سياسية سيجدون أنفسهم في موقف صعب ومربك.
ومع ذلك، قبل أن تتحول عناوين وسائل الإعلام إلى مواقف سياسية، غيرت طهران لهجتها. وانسحب رمضان شريف ورؤساؤه من مواقفهم الأولية في أقل من 12 ساعة.
وحاول العديد من كبار المسؤولين، ولا سيما القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، التخفيف من حدة الخطاب، مؤكدين أن “السعي للانتقام لسليماني سوف يستلزم التدمير الكامل لإسرائيل”. وقد تمت المبالغة في هذا الادعاء عمداً، بهدف منع العواقب السياسية، في حين عمل عملياً على توفير الراحة لأولئك الذين يميلون إلى الاسترضاء.
ولكن بينما يكمل الحادث الأخير شريان الحياة الإعلامي الذي دام 48 ساعة، فإنه يكشف عن طبقات أعمق من الأهمية. وعلى الرغم من أن هذا النظام لم يخجل أبدًا من الدعوة إلى تدمير الدول الأخرى، إلا أن بعض التصورات السياسية تميل إلى اعتبار مثل هذه التصريحات مجرد خطابة لأغراض محلية.
من المؤكد أن نظام الملالي يواجه تحديات متعددة على المستوى الداخلي. التنافس مع مجتمع مضطرب بينما يتصارع مع قاعدة أتباع محبطة بالإضافة إلى النخبة الساخطة التي أصبحت معزولة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة. ولكن هذا الصراع الداخلي يوفر المزيد من الحافز للمرشد الأعلى علي خامنئي للانخراط في سلوك محفوف بالمخاطر، مما يعرض السلام والاستقرار خارج حدود إيران للخطر.
ومع ذلك، فإن النظام الإرهابي في إيران هو أيضًا سيد لعبة الازدواجية. ومن خلال توظيف دبلوماسيين يتحدثون بلطف، وأذرع ضغط باهظة الثمن، ومن يطلقون على أنفسهم “خبراء في الشأن الإيراني”، حرصت على تفسير تحركاتها وخطابها لدعاة سياسة الاسترضاء لتجنب التدقيق العالمي واتخاذ القرارات الحاسمة.
ولكن بعيداً عن كل الحجج والمناقشات، فإن الحرب الدموية في غزة، وتمويل العشرات من الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، وإفريقيا، وأميركا اللاتينية، وتنظيم المئات من الهجمات الإرهابية في مختلف أنحاء العالم، هي أمور ملموسة ولا جدال فيها. وتمثل هذه الإجراءات ممارسات خبيثة حقيقية لها عواقب بعيدة المدى على المشهد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العالمي.
إنها حقيقة لا يمكن إنكارها أن نظام خامنئي هو الدولة الرائدة في رعاية الإرهاب، ودولة على عتبة امتلاك أسلحة نووية، ويشكل تهديدا خطيرا للسلام العالمي والاستقرار الإقليمي. وبالمثل، لا يمكن إنكار حقيقة أن إيران، أكثر من أي دولة أخرى، شهدت أطول سلسلة من الانتفاضات وأكثرها استمرارًا، والتي تميزت بوجود حركة المقاومة الأقدم والأكثر تنظيمًا الملتزمة بالقضاء على هذا النظام الإرهابي.
وبدلاً من مجرد الاستماع إلى كلمات مسؤولي الدولة الإيرانية ومحاولة فك رموزها، يتعين على زعماء العالم أن يدققوا في تصرفاتهم وأن يدركوا الحقائق القاسية التي تكمن وراء خطابهم.
إرسال التعليق