مع احتدام المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع كمال عبد العزيز القيادي بجيش تحرير السودان جبهة عبد الواحد نور في حوار خاص للزمان
– سقوط مدينة ودمدني في أيدي قوات الدعم السريع كشف هشاشة القوات المسلحة السودانية لاعتمادها على الميلشيات .
– جماعة الإخوان المسلمين لازالت متغلغلة داخل المؤسسات وغالبية قيادات الجيش السوداني والدعم السريع لديهم صلة قوية بجماعة الإخوان المسلمين .
شهدت الأيام الماضية احتدام المعارك بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حيث استطاعت قوات الدعم السريع الاستيلاء على عدة مدن وعلى رأسها مدينة ودمدني وفشلت كل جهود الوساطة في إيقاف المعارك بين الطرفين وفي ظل تلك الأوضاع المتأزمة التي تهدد بمزيد من الانقسامات أدلى كمال عبد العزيز القيادي بجيش تحرير السودان جبهة عبد الواحد نور بحوار خاص لجريدة الزمان تناول فيه وجهة نظره إيذاء تلك التطورات وفيما يلي نص الحوار :-
1. كيف تفسر الأسباب التي أدت إلى اندلاع المعارك الأخيرة بين الجيش السوداني والدعم السريع على الرغم من الجهود السياسية التي سبقت اندلاع المعارك والتي حققت تقدما في اتجاه الحل ؟
المعارك منذ اندلاعها في ١٥ أبريل لم تتوقف مطلقاً، بل كانت هناك كر وفر في المواجهات بين الطرفين، ذلك وفقاً للمواقف التفاوضية، وترجع اسباب التصعيد الأخير إلى غياب الإرادة الحقيقية لدى الطرفين لإيقاف الحرب.
2. ما هي أسباب الانتكاسات التي حلت بالجيش السوداني والتي كان آخرها استيلاء الدعم السريع على وآخرها سقوط مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة السودانية ؟
تاريخياً ظلت القوات المسلحة السودانية منذ تمرد توريت عام ١٩٥٥م إلى يومنا هذا، تعتمد على المليشيات في الحروب البرية، والدعم السريع هي الأساس التي انشئت وتاسست لذات الغرض، وحرب ١٥ أبريل كانت امتحان حقيقي لقدرات القوات المسلحة السودانية وإمكانياته في الحروب البرية، لذلك فقد كشُفت ضعف وهشاشة القوات المسلحة السودانية، وذلك نسبةً لإعتمادها المستمر في حروبها على المليشيات وتحويل جل مهماتها الدفاعية والحربية لهم وليست على نفسها.
3. ما هي أبعاد الدور الخارجي في تفاقم تلك الأزمة ؟
في الأصل الأزمة السودانية هي أزمة عدم وجود دولة المواطنة المتساوية، وغياب وجود دولة مؤسسات حقيقية، وهذا لا يعني غياب الأبعاد الخارجية لتفاقم أزمة السودان، وتكمن الدور الخارجي في تفاقم الأزمة في الحلول المستوردة للأزمة السودانية من الخارج تاريخياً، والتي يظهر في الحرب الحالية في شكل مساندة ودعم متبادل للاطراف المتحاربة.
4. هناك اتهامات توجه إلى أطراف داخلية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين بالعمل على تأجيج الأزمة . فما حقيقة ذلك ؟
الاخوان المسلمين الحركة لاسلامية حكموا السودان لمدة ثلاثين عاماً، وتغلغلوا في كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية في السودان، وأصبح لهم تأثير واضح من خلال عناصرهم داخل المؤسسات، وقوات الدعم السريع ايضاً ضمن تركة حكم الاخوان المسلمين، فغالبية قيادات الجيش وقيادات الدعم السريع لديهم صلة قوية بجماعة الأخوان المسلمين، اضافةً إلى ذلك، فقُبيل اندلاع المواجهات العسكرية بين القوتين الجيش والدعم السريع فقد كان لقيادات الاخوان المسلمين المؤتمر الوطني تصريحات بمعارضتهم ورفضهم الشديد للاتفاق الإطاري، فضلاً عن صدور بيان من قبل قادة الصف الأول للاخوان المسلمين بإعلان داعمهم للجيش في الحرب ضد الدعم السريع، أيضا ذكر الفريق ياسر العطا مؤخراً وقوف قطاع عريض من الإسلاميين يحاربون مع الجيش، عليه فإن القول بتأجيج الاخوان المسلمين للحرب الحالية هي حقيقة واقعة وليس ادعاء.
5. ما هي أسباب فشل الوساطات من جانب أطراف عربية وإقليمية ودولية في حل الأزمة والتقريب بين الطرفين ؟
أسباب فشل الوساطات الإقليمية والدولية في إيقاف الحرب في السودان يرجع إلى غياب التوافق الدولي والإقليمي حول استراتيجية محددة لإيقاف الحرب في السودان، وذلك نسبةً لتعارض مصالح القوى الدولية والإقليمية، إضافة إلى ذلك، فمن الصعوبة بمكان ان تنجح اي وساطة خارجية لإيقاف الحرب في السودان من دون ارادة وطنية حقيقية لدى الطرفين المتعاركين والسودانيين جميعاً وهذه هي مربط الفرس واس الازمة، في الوقت الذي اصبح فيه الشعب وارادتهم محدورة من خلال تزيف الوقائع على الارض واساليب اخري غير اخلاقية لكسب الحرب، مما يُصعب وصول الاطراف الثانوية في الصراع من معرفة الحقائق والعمل على رفض الحرب ودعم خيارات السلام الشامل وتحقق اهداف الثورة السودانية .
6. ما هو دور الأطراف الخارجية كالولايات المتحدة وإسرائيل وإثيوبيا في تلك الأزمة ؟
بطبيعة الحال للولايات المتحدة الأمريكية سجل تاريخي طويل حيال الأزمات السودانية عبر مختلف الحقب الزمنية، وحالياً هي من ضمن الوسطاء في منبر جدة كما هو معروف،و رغما عن ذلك فقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على بعض الأفراد ذات الصلة بطرفي الصراع من الجيش والدعم السريع، اما إثيوبيا فقد ظلت تشكل حضوراً واضحاً منذ انتفاضة ٢٠١٨م عبر سياقات مختلفة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وبشكل عام فإن الأطراف الخارجية مهما كان ادوارهم حيال الأزمة فهي لا تتحرك إلا في إطار مصالحها، رغم ذلك من السهولة تجاوز الدور الخارجي السلبي بتفاهم وطني وتقوية الجبهه الداخلية والاستفادة من مطبات التاريخ.
7. هل ترى أن البرهان أخطأ عندما جمد عضوية السودان في الايجاد ؟
صاحب العقل يميز، فالسودان تم تجميد عضويتها في منظمة الاتحاد الأفريقي على خلفية قرارات انقلاب ٢٥ من أكتوبر، وكانت ايغاد هي البوابة والنافذة الإقليمية الدبلوماسية الفاعلة للسودان في المنطقة، أضف إلى ذلك، الايغاد من أبرز المنظمات التي لعبت دوراً فاعلاً ونشطةً حيال حرب ١٥ أبريل، وكانت على وشك ان تنظم لقاء مباشر لقادة الطرفين للتباحث حول إيقاف الحرب، رغما عن ذلك فقد قام البرهان بوقف التعامل مع الايغاد في إطار إيقاف الحرب وتجميد عضوية السودان فيها، مما يعني ضمنياً مزيداً من الحصار على السودان، وكان من الأجدر والأفضل التعاطي الإيجابي مع الايغاد بغية إيقاف الحرب.
8. هل ترى أن الأزمة مرشحة للتصاعد في المستقبل بعد ظهور جبهة صراع جديدة في دارفور ؟
طالما ليس هناك ارادة حقيقية لدى الطرفين لإيقاف الحرب، وانسداد للافق السياسي، وفي ظل غياب توافق دولي واقليمي حول إيقاف الحرب، فالسيناريو الأكثر ترجيحاً هي تصاعد وتيرة المواجهات العسكرية بين الطرفين، وتباعد في المسافات وتوسيع ساحة الصراع والمواجهات وامتدادها إلى مناطق أخرى جديدة وخاصة في الشمال والشرق.
9. كيف تفسر لجوء الجيش السوداني إلى إيران مؤخرا ؟ وهل هناك أجندات معينة لإيران في المنطقة ؟
لجوء الجيش إلى إيران يؤكد ما لا يدع مجالاً للشك بأن هناك ادوار خارجية للحرب في السودان، فكلا الطرفين معتمدين على الدعم الخارجي، فبالتالي لجوء الجيش نحو إيران هي للبحث عن دعم المجهود الحربي وليس البحث عن تسوية سياسية لإيقاف الحرب، وإيران ليست جمعية خيرية اكيد، بل هي جزء من الأطراف الإقليمية الساعية للتموضع في المنطقة.
10. في النهاية ما هي مطالبكم من العالم العربي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة في المرحلة المقبلة ؟
ظلت مصر ملجأ لملايين السودانيين على امتداد تاريخ الحروب الأهلية في السودان، وحالياً تستضيف العديد من الفارين جراء اتون الحرب، والتي نأمل ان يستمر الدور الإنساني لمصر فضلاً عن الدور السياسي والدبلوماسي بحكم تجربة علاقاته مع السودان وشعبه في سبيل إيقاف الحرب. وعلى العالم للعربي ان ينظر للسودان بعد ١٥ ابريل بنظرة مختلف عن السابق، على انها دولة متعددة ومتنوع سياسيا وعرقياً ودينياً وجغرافياً من حيث المساحة مع وجود ضعف في الممارسة السياسية وعدم القدرة على ادارة التعدد ليكون مصدر للقوة والتماسك، لان المداخل التاريخية الخاطئة منذ عقود قاد للكارثة الماثلة اليوم، وعليه يجب ان يكون المدخل لحل ازمات السودان صحيحاً ليكون عون للسودان ارضا وشعباً، مما ينعكس ذلك ايجاباً للمنطقة الافريقية والعربية والعالم. واعتقد المرحلة الحالية من الازمة السودانية وفي ظل استمرار إناد الطرفين يتطلب من دول الجوار الاقليمي الافريقي والعربي الاستماع لصوت السودانين المنادين بإيقاق الحرب والعمل معهم على متطلباتها، والوصول الى الحوار بين السودانين ليطوى صفحة الحرب الى الابد بطرق سليمة وجذرية.
حاوره/مصطفى عماره
إرسال التعليق