التغيير المنتظر

التغيير المنتظر

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى الحرب الدائرة في غزة وإلى التوتر القائم بين إسرائيل وإيران والذي يهدد باتساع دائرة الصراع فإن أنظار الرأي العام في مصر تتجه بالإضافة إلى تلك الأشياء إلى التغيير الوزاري المنتظر في مصر بعد قيام الرئيس السيسي بحلف اليمين والذي يعد بداية لفترة رئاسية قادمة ولعل اهتمام الرأي العام بتلك القضية ليس نابعا من تطلعه لأسماء معينة لشغل بعض الوزارات لانتشال مصر من أزمتها بل إلى تغيير السياسات بعد أن بات للعيان أن السياسة في مصر يديرها فرد واحد يقود مجموعة من الكومبارس تفتقر إلى الكفاءات والنزاهة والشفافية وكان نتيجة ذلك أن واجهت مصر أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها حيث ارتفعت الديون الخارجية إلى ما يقارب من 170 مليار دولار وفقا للإحصاءات الرسمية كما ارتفعت معدلات التضخم فضلا عن زيادة الأسعار بشكل لم يسبق له مثيل وبشكل يفوق إمكانيات الطبقة الفقيرة والمتوسطة التي اختفت من الساحة ولم يعد إلا طبقة بالغة الثراء من رجال الأعمال والفاسدين التي تمتلك الثروة كلها ولم يقتصر الفشل على الملف الداخلي بل امتد إلى الملف الخارجي حيث تراجع الدور المصري حتى فقدت مصر تأثيرها ودورها في العديد من الملفات الهامة كالملف السوداني والفلسطيني رغم حساسية تلك الملفات بالنسبة للأمن القومي المصري فضلا عن ملف سد النهضة والذي تقاعست مصر عن معالجته حتى أصبحت مصر مهددة في أمنها المائي وأصبحت فلسفة النظام الذي يدير مصر أن الذي يمتلك المادة يمكن أن يحصل على كل شيئ أما الإنسان الذي لا يمتلك شيئا فليس له مكان في المجتمع وانعكس هذا على عدد من الملفات الهامة التي تشكل أهمية قصوى بالنسبة للمجتمع كملف التعليم حيث تحولت المدارس إلى سناتر للدروس الخصوصية والصحة بعد أن فقدت المستشفيات العامة دورها في علاج المرضى الفقراء تاركة الساحة لأباطرة المستشفيات الخاصة الذين يتحكمون في علاج المرضى كل على حسب إمكانياته وملف التموين والتجارة الداخلية الذي ترك العنان للتجار للتحكم في الأسعار بما يفوق إمكانيات الإنسان العادي ووسط تلك الازمات والاخفاقات لجأت مصر إلى ملف الاستدانة من المؤسسات المالية الدولية وبعض الدول الخليجية بدلا من علاج أخطاء الماضي والاتجاه إلى الإنتاج بدلا من الإنفاق على مشاريع ترفيهية لن يستفيد منها الإنسان العادي وفي ظل تفاقم أزمة الديون ونقص العملة الصعبة لجأت مصر إلى بيع أصولها والمتمثلة في المشاريع التي دفع الشعب المصري المال والدم من أجل بنائها وكان طبيعيا أن تسارع بعض الدول الخليجية وعلى رأسها الإمارات والتي أصبحت رأس حربة لإسرائيل في المنطقة إلى شراء تلك الأصول حتى أصبح هناك خطر حقيقي من سيطرة إسرائيل على الاقتصاد المصري خلال سنوات قليلة ورغم حالة الصمت التي غلفت حياة المصريين رغم الاحتقان السائد إلا أن حالة الصمت هذه يمكن أن تنفجر في النهاية لتطيح بالاخضر واليابس وهو أمر نخشاه ولا نتمناه في ظل الظروف الدقيقة التي نواجهها وتربص القوى المعادية لمصر لأمن البلاد واستقرارها ومن هذا المنطلق فإنني أناشد الرئيس السيسي أن يعيد حساباته ويقيم حكم ديمقراطي حقيقي وان يسند إدارة البلاد لحكومة من التكنوقراط لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل. أن تنفجر الأوضاع وحينئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .

مصطفى عماره

Previous post

فضيحة مدوية لخامنئي.. مشاركة 142 شخصا فقط في صلاة الجمعة في طهران

Next post

مأزق مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ارتطم مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي بتحديات عديدة وتهاوت الكثير من مسلماته وركائزه، والمؤسسة الإسرائيلية باتجاه إعادة النظر فيه وإدراج تغييرات جذرية في مكوّناته الأساسية

إرسال التعليق