في محاضرته عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بالتجمع العربي للسلام الكاتب الصحفي د/ مصطفى عماره مدير مكتب جريده الزمان الدولية بلندن: السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط لن تتغير إلا بموقف عربي ضاغط على صانع القرار الأمريكي

في محاضرته عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بالتجمع العربي للسلام الكاتب الصحفي د/ مصطفى عماره مدير مكتب جريده الزمان الدولية بلندن: السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط لن تتغير إلا بموقف عربي ضاغط على صانع القرار الأمريكي

ارتبطت سياسة الولايات المتحدة سواء أكانت الداخلية أو الخارجية بعوامل عديدة كان لها دور في صنع تلك السياسة فهناك عوامل تاريخية ارتبطت باكتشاف قارة أمريكا على يد كولومبس وما تبعها من ارسال بريطانيا الاب التاريخي للولايات المتحدة حيث أرسلت آلاف السجناء في السجون البريطانية لاستعمار القارة الجديدة وقام هؤلاء السجناء بارتكاب المذابح ضد أهالي قارة أمريكا الأصليين من الهنود الحمر لاستعمار القارة الجديدة الغنية بالثورات وهو الأمر الذي يفسر ارتباط الولايات المتحدة بإسرائيل حيث يتشابه تاريخهما بإقامة وطن على حساب أهالي البلد الأصليين وعقب استيعاب الأمر للمستعمرين الجدد سعى هؤلاء المستعمرين على استقدام العمالة الرخيصة من افريقيا من الزنوج للعمل في الأعمال الوضيعة لإعمار القارة الجديدة واعتبر هؤلاء المستعمرين هؤلاء الزنوج مواطنين من الدرجة الثانية وهو ما كرس سياسة التمييز العنصري والتي استمرت حتى اليوم ومع مرور الوقت تدفق على الأرض الجديدة الآلاف من رجال الأعمال وأصحاب الثروات للاستفادة من خيرات القارة الجديدة وحتى بداية الحرب العالمية الثانية لم يكن العالم يعرف الكثير عن قوة الولايات المتحدة والتي انكفأت لتكوين مجتمع جديد دون الانغماس في الحروب التي اجتاحت العالم بدء من الحرب العالمية الأولى وانتهاء بالحرب العالمية الثانية حتى كشرت عن أنيابها في نهاية الحرب العالمية الثانية بالقاءها قنبلتين نوويتين على هيروشيما ونجازاكي معلنة نهاية الحرب العالمية الثانية وقيام عالم جديد تحكمه قويتين رئيسيتين هما الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي ونهاية هيمنة بريطانيا على العالم والتي سحبت الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس وارتبط بروز الولايات المتحدة كأقوى قوة في العالم بظهور البترول في الشرق الأوسط ورغم أن بريطانيا كان لها الدور الأكبر في تأسيس الولايات المتحدة إلا أن مصالح الإمبراطورية الجديدة تطلبت إزاحة الإمبراطورية القديمة من المنطقة ولعل هذا يفسر وقوف الولايات المتحدة ضد بريطانيا في حرب السويس وحينما أدركت إسرائيل غروب شمس الإمبراطورية القديمة أتجه رجال الأعمال اليهود إلى الإمبراطورية الجديدة ونقلوا رؤوس أموالهم إليها للسيطرة على سياستها والحصول على دعمها في تحقيق اطماعها في المنطقة بينما غاب العرب عن استخدام ثرواتهم في التأثير على السياسة الأمريكية ومع مرور الوقت ازدادت سيطرة اليهود الامريكان على سياسة الولايات المتحدة والتي ازداد انحيازها وسيطرتها على السياسة الأمريكية وقد ظهر هذا جليا في حرب عام 1967 حيث كشفت تقارير المخابرات أن الولايات المتحدة نسقت مع إسرائيل لكسر شوكة عبد الناصر والذي كان أكبر عدو للسياسات الأمريكية في المنطقة في خطة سميت الديك الرومي واستمر الانحياز الأمريكي لإسرائيل والتي اعتبرتها الولايات المتحدة العميل الاول لها في المنطقة لتنفيذ السياسات الأمريكية في المقابل استمر غياب الدور العربي تماما حتى أصبحت الأنظمة العربية مطوية للسياسة الأمريكية تتحكم فيها كيفما تشاء إلا بصيص من الامل تحقق في حرب عام 1973 عندما قطعت الدول البترولية وعلى رأسها السعوديه إمدادات النفط عن الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة وفيما عدا ذلك زاد الانبطاح العربي والتبعية للولايات المتحدة والتي أصبح همها الوحيد حماية أنظمتها من الخطر الايراني خاصة أن المنطقة العربية دخلت في السنوات الأخيرة في حروب داخلية صنعتها الولايات المتحدة فيما يسمى الفوضى الخلاقة لزيادة السيطرة عليها وكانت القضية الفلسطينية هي أبرز القضايا التي دفعت ثمنا غاليا بفعل التفكك العربي والتبعية للسياسة الأمريكية ولعل ما يحدث الآن في غزة هو خير دليل على ذلك ورغم هذا فإن الصمود الفلسطيني في تلك الحرب صنع بصيص من الامل عندما اكتشف الرأي العالمي حقيقية السياسة الإسرائيلية واندلعت المظاهرات في الجامعات لمطالبة الحكومات الغربية باتباع سياسة عادلة ومتوازنة تجاه القضية الفلسطينية غير أن هذا الأمر لا يكفي في عالم لا يعرف الألفة وحتى ترى سياسة أمريكية أكثر توازنا فلابد للأنظمة العربية أن تستخدم مواردها للضغط على صانع القرار الأمريكي وبدون ذلك فسوف يستمر الوضع على ما هو عليه بل سيزداد سوءا وسندفع جميعا الثمن في حاضرنا ومستقبلنا .

مصطفى عماره

إرسال التعليق