السقوط إلى الهاوية
عقب أحداث العنف وعدم الاستقرار الذي عاشته مصر منذ عام 2011 وحتى رحيل نظام الإخوان وتولي المشير السيسي مسئوليات السلطة تدفقت المساعدات على النظام المصري خاصة من الدول الخليجية وعلى رأسها السعوديه حتى وصل حجم هذه المساعدات باعتراف النظام المصري ما يزيد عن 97 مليار دولار وتوقع الشعب المصري أن تجتاز مصر المرحلة الصعبة التي واجهها وكما قال الرئيس المصري بأن مصر ستجتاز تلك المرحلة خلال عامين وعندما لم يتحقق هذا طلب مرة أخرى مدة مقدارها ستة أشهر وقال كلمته الشهيرة اصبروا وستروا وانتظر الرأي العام أن يحقق الرئيس وعده ويتحقق الرخاء المنتظر ولكن لم يتحقق شيئ بل أزداد الوضع سوءا ووصلت ديون مصر الداخلية والخارجية أرقاما قياسية لم تشهدها البلاد على مدار تاريخها حيث بلغت الديون الخارجية طبقا للبيانات الرسمية للبنك المركزي أكثر من 168 مليار دولار والديون الداخلية أكثر من 3 مليار دولار قابلة للزيادة وبدلا من أن تلجأ الدولة إلى إصلاح الهيكل الاقتصادي باللجوء إلى إنتاج وإقامة مشروعات لاستيعاب الشباب والطاقة العاطلة لجأت إلى سياسة الاقتراض من المؤسسات النقدية وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبيع المؤسسات الإنتاجية والتي كانت تشكل عماد الاقتصاد الوطني واسسها الشعب بالعرق والدم والإرادة ولقد أثبتت التجارب أن تلك المؤسسات النقدية ليست مؤسسات تقدم مساعدات للشعوب للخروج من عثرتها بل هي مؤسسات استعمارية تستهدف منح قروض للدول المتعثرة للسيطرة سياستها الداخلية والخارجية وفرض شروطها في الوقت الذي توقفت الدول الخليجية عن تقديم الدعم بلا شروط إلا ببيع أصولها للسيطرة على اقتصادها كما تفعل بعض الدول حاليا وعلى رأسها الإمارات التي أصبحت وكيلا لإسرائيل في المنطقة حتى أن الخبراء حذروا من سيطرة إسرائيل على الاقتصاد المصري وعلى سياسة مصر وهو ما نراه حاليا في العديد من القضايا الهامة التي تمس الأمن القومى المصري وعلى رأسها قضية غزة حيث أقدمت إسرائيل على احتلال معبر رفح ومعبر فيلادلفيا الذي وقعت مصر معاهدة بخصوصه مع الجانب المصري وحذر الخبراء أن احتلال إسرائيل له يخل باتفاقية كامب ديفيد والأمن القومي كما لم تحرك مصر ساكنا في قضية سد النهضة والذي سوف يلحق ضررا بالغا بالأمن المائي المصري حتى أكملت إثيوبيا مشروعها ووصلت إلى الملئ الخامس واكتفت مصر بالتصريحات مع إقامة مشروعات لتحلية المياه التي استنفذت المليارات من موارد مصر ووصل الأمر إلى أن القروض التي تقترضها مصر من صندوق النقد الدولي أصبحت مخصصة لسداد فوائد الديون ومع تفاقم الأزمة التي أوصلت مصر إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي كان طبيعيا أن تنعكس تلك الأزمة على مختلف القطاعات فارتفعت اسعار السلع الأساسية بشكل يفوق مقدرات المواطن العادي وكان آخرها رفع الدعم عن سعر الخبز والذي يشكل الدعامة الرئيسية للطبقة الكادحة وفي مجال الصحة اختفت الأدوية الأساسية لعلاج المواطنين كأدوية الضغط والسكر والقلب تمهيدا لرفع سعرها كما اتجهت الدولة لخصخصة المستشفيات الحكومية التي تقدم العلاج للطبقة الكادحة بأسعار في متناول تلك الطبقة وفي مجال التعليم تحولت المدارس إلى سناتر للدروس الخصوصيه وبعد أن كانت وزارة التربية والتعليم تحارب تلك السناتر أصبحت شريكا فيها وفي مجال الكهرباء ارتفعت أسعار شرائح الكهرباء بشكل مخيف رغم استمرار انقطاع الكهرباء بصورة يومية ورغم ذلك تمادت وزارة الكهرباء بصورة يومية واعلنت عن نيتها رفع شرائح الكهرباء بنسبة 40% تحت حجج واهية منها نقص المازوت والغاز رغم الاعلان عن أن مصر حققت اكتشافات يمكنها من أن تصبح في مصاف الدول المصدرة للغاز وبدلا من اتجاه الدولة لبناء الشباب جسديا وفكريا باعتبارهم امل المستقبل لجأت إلى تخصيص الأندية للشركات الخاصة وسمحت للشخصيات المعروفة بإلحادها مثل إسلام البحيري وإبراهيم عيسى وغيرهم بتأسيس مركز تكوين لنشر الفكر الالحادي بدلا من محاكمة تلك الفئة الضالة ولاشك أن ما تمر به مصر لا يمكن أن يطلق عليه أزمة أو نكسة كما حدث في حرب 67 حيث واجهت مصر هزيمة عسكرية ولكنها لم تفقد إرادتها ولكنها الآن تواجه انهيار اقتصادي وسياسي وأخلاقي وضع مصر على حافة الهاوية وانعكس هذا على حالة الإحباط التي سيطرت على قطاعات كبيرة من الرأي العام والذي ترجمته في البوستات التي تتهكم على الرئيس وتطالب برحيله ولكنها إشارة إلى حالة الإحباط واليأس التي تسيطر على غالبية قطاعات الرأي العام والذي ينذر بانفجار ثورة جياع سوف تطيح بكل شيء وتقضي على الأخضر واليابس فهل يتحرك النظام المصري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يحدث الانفجار الذي سوف ندفع ثمنه سواء أكان ذلك حكاما أو محكومين .
مصطفى عماره
إرسال التعليق