خطاب ممرضة إيرانية أمام الأمم المتحدة: صرخة احتجاج ضد الظالمين
في يوم الثلاثاء الموافق 24 سبتمبر 2024، خلال المظاهرة الواسعة التي نُظمت أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ألقت السيدة غلي رستكار، وهي ممرضة شجاعة خرجت مؤخرًا من إيران، خطابًا مؤثرًا. هذه المظاهرة التي نُظمت من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، كانت فرصة للاحتجاج على انتهاكات حقوق الإنسان والسياسات القمعية للنظام الإيراني. استعرضت السيدة رستكار في كلمتها تجاربها الشخصية من الانتفاضة الشجاعة لشعب إيران في سبتمبر 2022، وقدمت صورة حية وواقعية عن النضال والتضحيات التي قدمتها النساء والشباب الإيراني.
وأشارت بشكل خاص إلى تعاونها الشجاع في علاج المصابين وتنظيم الأنشطة السرية ضد النظام، وأكدت أن شعلة انتفاضة الشعب الإيراني لا يمكن إخمادها. كلماتها أظهرت العزم والإرادة القوية لشعب إيران في إسقاط النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية قائمة على فصل الدين عن الدولة. كما أعلنت السيدة رستكار دعمها لخطة السيدة مريم رجوي ذات البنود العشرة، وأرسلت تحياتها إلى وحدات المقاومة في جميع أنحاء إيران. كان خطابها تجسيدًا لروح المقاومة التي تنبض في قلوب العديد من الإيرانيين، ومرة أخرى لفتت انتباه العالم إلى ثبات وإصرار الشعب الإيراني في مواجهة الظلم والقمع.
فيما يلي خطاب هذه السيدة الشجاعة غلي رستكار، الداعمة للمقاومة الإيرانية:
أصدقائي الأعزاء، أنا غلي، وُلدت في فترة الثورة بعد أن سُرقت على يد الجلاد خميني. منذ شبابي، كنت شاهدة على هيمنة الاستبداد على أرواح وأموال وحقوق الشعب الإنسانيّة والاجتماعية في وطني.
لقد رأيت بعيني كيف أن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران تحت حكم الملالي بلغت حدّاً لا يُحتمل، القتل والسجن لكل من يهمس بكلمة عن الحرية أو النجاة من براثن الحكام الظالمين أدمى قلبي. لقد نهبوا بلدي الغني، وأصبحت أطفال الشوارع تعيش في الأكواخ، والفقر الاقتصادي وعدم وجود الحرية على رأس كل ذلك دفعني للنضال ضد هؤلاء الجلادين ضمن قدرتي.
كنت شاهدة على نهب ثروات البلاد والفساد الكبير لقادة النظام وأبناء المسؤولين، وكيف تُمنح ثروات إيران لعملاء الملالي في لبنان وغزة وسوريا والعراق.
كما أنني، بحكم عملي، كنت شاهدة على سوء تغذية الشعب الإيراني وافتقارهم للخدمات التعليمية والصحية. وقد لجأ النظام الكهنوتي البغيض لقمع الشعب الثائر بالقتل والتعذيب والاضطهاد لأسرهم.
ولكن الشعب الإيراني الشجاع، وخاصة الشباب الأحرار والشجعان، تدفقوا على مدى السبع سنوات الماضية إلى الشوارع بشجاعة، واندلعت انتفاضات متتالية، أكبر في كل مرة، ضد المستبدين وفي مواجهة قوات الملالي المسلحة.
لقد كنت شاهدة على كيف أن قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي الذي أطلقه الحرس الثوري المسلح لم يكن كافياً لدفع الشعب والشباب الثائرين إلى التراجع. وخلال هذه الانتفاضة، شهدت التعاون المدهش بين الناس. فتح الكثيرون أبواب منازلهم للسماح للمتظاهرين بالاحتماء فيها. وساعد آخرون الجرحى كي لا يقبض عليهم ويعذبوا في السجون.
وأنا واحدة من هذه الأمثلة. ففي الأيام الأولى للانتفاضة التي اشتعلت شرارتها بمقتل المظلومة مهسا على يد الجلادين، ساعدت، مع مجموعة من العاملين في المجال الطبي وبمساعدة الشعب الخيّر، على تخصيص منزل في أحد الشوارع القريبة من ميدان الثورة – وهو أحد مراكز الانتفاضة النشطة – لعلاج الجرحى. وكان هذا المنزل تملكه سيدة طيبة كالملاك.
لقد حولنا هذا المنزل بسرية تامة ومع مراعاة جميع القواعد الأمنية إلى مركز علاجي صغير بأقل الإمكانيات. كانت تحركاتنا إلى هذا المنزل تتم بشكل سري ودون حمل الهواتف المحمولة. كان فريقنا الطبي يتألف من طبيب عام، أخصائي في الأمراض المعدية، جراح وعدة ممرضات. نحن الممرضات قمنا بتنظيم العمل بحيث يكون هناك دائماً ممرضة واحدة على الأقل في الموقع على مدار 24 ساعة. عندما كان يُجلب جريح إلى هذا المنزل للعلاج عبر القنوات السرية، لم نكن نسأل مطلقاً عن هويته. في هذا المنزل، كان لكل فرد مسؤولية محددة؛ كان هناك من يتولى تأمين الإمدادات، الأدوية، المعدات الطبية، والطعام. كما كان هناك من يقوم بجمع التبرعات المالية حتى نتمكن من مواصلة تشغيل هذا المركز بفضل دعم الناس.
أكبر تحدي لنا كان العثور على الأدوية، وهو أمر كان صعباً للغاية. كانت مخاطرتنا تزداد كلما رأينا شجاعة الشباب، إذ كانوا يسعون فقط للإطاحة بنظام الملالي.
كنت أستمد طاقتي من شجاعة النساء الإيرانيات لمواصلة مهمتي. من خلال جرأة النساء، كنت أستطيع أن أميز من بينهن القائدات اللواتي يوجهن المشهد في التظاهرات. كان المتظاهرون يغيرون مواقعهم من مكان لآخر بشكل منظم لتضليل قوات النظام. في هذا الوقت، شعرت أنني أستطيع تقديم أكثر بكثير من المساعدة الطبية، وأخذت على عاتقي مسؤوليات أكبر.
بمساعدة بعض الأصدقاء، تمكنا من العثور على مطبعة حيث كان صاحبها مستعداً لتحمل مخاطرة طباعة الدفعة الأولى من صور السيدة مريم رجوي، التي كانت رمزاً للثورة بالنسبة للمتظاهرين. عندما انطلق فريقنا لأول مرة لتوزيع صور مريم رجوي في منطقتنا، كنا نعلم أنه إذا تم القبض علينا، فسندفع ثمناً غالياً، ولذلك كنا نشعر بقلق كبير. كنا فريقاً يتألف من عدة أشخاص، نتوجه إلى أحياء مختلفة، وكان لكل واحد منا دور محدد؛ كان أحدنا مسؤولاً عن القيادة، وآخر يتولى مراقبة الوضع المحيط، وآخر كان يتولى توزيع صور مريم رجوي.
بعد نجاحنا في أول مهمة لنا، اكتسبنا حافزًا أكبر. هذه المرة، وبمساعدة نفس المطبعة، قمنا بطباعة برنامج النقاط العشر للسيدة مريم رجوي ووزعناه في الأحياء المختلفة بمساعدة الشباب الإيرانيين الشجعان. الآن، يشرفني أن أقف بينكم، أمام الأمم المتحدة، كشاهد رأى بعينه وشعر بجلده وحدة وديناميكية الانتفاضة. أقول لپزشکیان وأسياده في طهران: لن تستطيعوا أبدًا إخماد النار التي تشتعل في قلوب كل شاب وشابة من أبناء إيران. لن تتمكنوا أبدًا من إثناء الشعب الإيراني عن نضاله من أجل جمهورية ديمقراطية تقوم على فصل الدين عن الدولة باستخدام القمع والافتراءات وتشويه السمعة. لن تستطيعوا أبدًا وقف دعم مريم رجوي وبرنامجها ذو النقاط العشر الذي يضمن ويصور مستقبلًا مليئًا بالأمل.
من هنا، أحيي جميع معاقل الانتفاضة في جميع أنحاء إيران، وأنا أتوق بشدة لاحتضان كل واحد منهم. إيران ستتحرر على أيدي ثوارها، بالاعتماد على نار الثورة والانتفاضة. لا شك في أن الثوار هم من سيصنعون النصر.
إرسال التعليق