من التهديد إلى التحفيز: نهج جديد للعمل والإنتاج
يبدأ الإنسان في العمل والإنتاج عندما يدرك التهديدات المحيطة به، حيث يشكل التهديد عاملاً أساسياً لتحفيز النشاط. قد يكون هذا الدافع هو المحرك الوحيد الذي ينشط لدى الإنسان، ولكن تأثيره يمتد عادةً لفترة زمنية محدودة، غالباً حتى سن الأربعين، عندما يكون الإنسان قد بلغ مرحلة النضج الكافي لفهم دوافعه الوجودية.
كل نشاط يقوم به الإنسان يرتبط بشكل ما بعامل التهديد، وتتفاوت ردود أفعاله تبعاً لنوع هذا التهديد. فعلى سبيل المثال، إذا شعر الإنسان بتهديد الجوع، سيتركز جهده على البحث عن مصادر الغذاء وتأمينها. وإذا نظرنا إلى الشعب الفلسطيني، الذي واجه تهديدات متواصلة سواء من الداخل أو الخارج، نجد أن استراتيجياته الدفاعية تطورت إلى هجومية في بعض الأحيان بسبب نقص الفرص وعجزه عن إقناع المجتمع الدولي بحقه في الحياة الكريمة.
ظهرت وسائل متعددة لمقاومة هذه التهديدات، منها الحركات الكفاحية التي سعت للحد من الضغوط باستخدام أساليب مختلفة. أما الأنظمة التنفيذية المتعاقبة، فقد لجأت إلى استراتيجيات مبنية على التهديد للحفاظ على الوضع الدفاعي، مما أدى إلى اتخاذ قرارات غالباً ما كانت مرتبطة بالتبعية بدلاً من المواجهة الحاسمة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف نواجه التهديدات بفعالية؟ يتطلب الأمر دراسة متأنية ووضع استراتيجيات تهدف إلى تعزيز مكانة الشعب الفلسطيني بين الأمم المتحضرة وخلق بيئة مناسبة لتحقيق التنمية المستدامة. وهذا يستدعي تطوير أدواتنا، وأهمها الثقافة والفكر.
يجب نشر ثقافة الإنتاج والعمل، وبناء قواعد فكرية مرنة تعزز القيم الإنسانية، مع استبدال لغة الدفاع والهجوم بلغة تعكس الرغبة في الحياة والبناء. هذه الخطوة ضرورية لبناء مجتمع مستقر وقادر على تحقيق ذاته.
نسعى لتأمين مستقبل أبنائنا وتهيئة ظروف معيشية طبيعية تتيح لهم تحقيق أهدافهم. تحويل التهديدات إلى محفزات إيجابية هو المفتاح لفتح آفاق جديدة، حيث سيقودنا ذلك إلى تحقيق الذات وفتح الطريق نحو مستقبل واعد للأجيال القادمة.
بقلم علاء الدين عبيد
مستشار ومحلل إداري
20/1/2025
إرسال التعليق