ثقافة التكافل تصنع المحبة بين الجميع”

ثقافة التكافل تصنع المحبة بين الجميع”

كتبت دكتورة/ اسماء ابو لاشين

التكافل الاجتماعي و العمل التطوعي وجهان لعملة واحدة وقد حثت عليهما الاديان السماوية بل شددت عليهما لما لهما من أهمية في النهوض بالمجتمع ولتأكيد هذا الأمر صدر أول قانون للعمل الاجتماعي المنظم عام 1959، ومع مرور السنوات شهدت الأعمال التطوعية ازديادا ملحوظاً منذ عام 1989
وذلك بعد صدور قانون الجمعيات والمنظمات الاهلية الغير هادفة للربح.

ويعتبر العمل التطوعي رافد هام من روافد التنمية المجتمعية وركيزة أساسية في بناء المجتمع ، ونشر التماسك والتكافل الاجتماعي بين المواطنين كما هو ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطا وثيقا بكل معاني الخير والعمل الصالح عند كل المجموعات البشرية منذ الأزل . كما أنها ظاهرة اجتماعية وحضارية موجودة على مر العصور منذ بدء الخلق وحتى وقتنا الحاضر.
وتبقى دائما المبادرات الإنسانية والوطنية هي الثقافة التي تبقى بين المجتمعات، وهي بالتالي يجب أن تكون حاضرة وحاضنة والحصن الحامي في المجتمع، فان ذهبت هذه الثقافة المطلوبة والتي يجب ان تكرس حتى في الفترات العادية وفي غير أوقات الأزمات، فلا فائدة في كل من يطلق على نفسه ” مبادرات شبابية ” او “تطوعية” أو “ثقافية”، ولهذا كان مشهد المبادرين والمتطوعين في أرجاء المستشفيات والمؤسسات والمطارات والاتحادات والمنظمات ووسائل الاعلام المختلفة وغيرها ، يدلل على أن مجتمعاتنا العرببة لازالت بخير وتتمتع بثقافة صلبة وعزيمة قوية ناهضة، بُنيت على أسس سليمة، وعلى قدر المسؤولية وقادرة أن يكون حاضرة في الوقت الذي يحتاجه المجتمع ومؤسساته حتى دون نداء رسمي .
والآن باعتبار أن النظافة والعمل التطوعي والمبادرات في أوقات الأزمات وفي سائر الظروف، تعتبر كلها عناوين مختلفة لمعاني الثقافة والانتماء، لذا فيجب التفكير جيدا في كيفية استثمار “هبة المتطوعين” لتنظيف المستشفيات، والمؤسسات والاماكن العامة وإعادة الاعتبار لمعاني التطوع والمشاركات المجتمعية في المؤسسات الحكومية والاهلية .
لان ثقافة التطوع هي الثقافة التي تصنع المحبة بين الجميع، هي التعاون المشترك والإحساس الأكيد بالمسؤوليات “دون انتظار الأجر” .. فالثقافة ليست آداب وفنون، ولكنها حياة الناس، التي تنزع الغشاوة عن العيون، وتفسر الطلاسم المعقدة.
كما أن النظافة هي مصدر للمناعة القوية في الإنسان، فالثقافة هي المعنى الصادق لمستويات المناعة في أي مجتمع، وحين تتقدم ثقافة التطوع لتنظيف المستشفيات والمؤسسات مثلا ورفع مستوى المناعة عند المرضى والزائرين والعاملين، فهذا يرفع من مناعة الشعوب بحيث تصمد في أزماتها المختلفة.
في أي فعل كان هناك من ينظر الى الأمور بنظرة ايجابية، وكثيرون ينظرون من زاوية سلبية، والبعض برؤيا نقدية تطويرية، أيضاً في المحن والشدائد هناك من يُشمر عن ذراعه ويعمل ضمن مسؤولية وهناك من يهرب من مسؤوليته ويختبئ ويحمل المسؤولية للآخرين.

أخطر ما في أي أزمة يواجها أي مجتمع كان هو عدم مقدرته في توحيد صفوفه لمجابهتها، عدوى النزعة الفردية في الطبيعة الإنسانية تُسيطر على النزعة الجماعية، مما سيؤدي الى إضعاف المؤسسات المتنوعة ، الخاصة، الأهلية وربما سيتم الإختلاف فيما بينهم إن لم يتم توحيد كافة الجهود لمواجهة الأزمة التي تعصف بنا جميعاً.

إن آلية العمل الوطني والقومي يجب أن تنطلق أساساً ضمن أسس المصلحة الوطنية العليا التي يجب أن تكون فوق الجميع
ومن هنا يجب أن تكون برامج المرحلة والمنظمات والمؤسسات والاتحادات لتفعيل آلية البناء والمشاركة المجتمعية لتعزيز صورة صادقة لحب الاوطان والانتماء من اجل تقديم الخدمات الحياتية وخاصة مع تزايد المخاطر الصحية التي تهدد العالم أجمع بفيروس الكورونا . فالجميع في وقت الازمات يتحمل المسئولية ، وخاصة الأن نحن في مرحلة العمل لنعمل جميعاً يداً بيد في مواجهة هذا الوباء اللعين .
نسأل الله العلي القدير أن يلهم الشعوب العربية السداد وأن يجمعنا على صعيد واحد في ظل ما يسود العالم من مخاطر جمة لا تقتصر على فيروس كورونا فحسب ولكنها تتعدى إلى ما لا يحمد عقباه .

“ اللهم عليكَ تَوكلنا وأنتَ خيرُ الحَافظيّن

إرسال التعليق