عمر بن الخطاب دروس وعبر لحكام هذا الزمان
على الرغم من مرور مئات السنين على استشهاد الخليفة العادل عمر بن الخطاب إلا أن حياته وورعه وتقشفه وعدالته وحزمه سوف يظل عبرة لكل حاكم على مر العصور فرغم نجاح عمر بن الخطاب منذ توليه الحكم في فتح بلاد الروم وفارس واللذان كانا يعدان في ذلك الوقت أقوى قوتين في العالم ولم يكن نجاح بن الخطاب في تحقيق تلك الفتوحات على الرغم من عدم تكافؤ القوة العسكرية بين الطرفين محض مصادفة بل كانت نتاج للمناخ الذي عاشته الدولة الاسلامية في ذلك الوقت والذي ترجمه الخليفة العادل عمر بن الخطاب بالمواقف وليس بالخطب الرنانة وخير أدلة على ذلك أن أحد الجنود الذين شاركوا في فتح بلاد فارس عثر على ايوان كسرى إلا أنه رده إلى بيت المال فبكى عمر بن الخطاب وقال الحمد لله أن وجدت من رعيتي من يتقي الله فما كان من علي بن أبي طالب أن قال له: ويحك يا عمر لقد اتقيت فأتقى الرعية ولو رتعت لرتعوا ، لقد ضرب عمر بن الخطاب أروع الأمثلة في الزهد والتقشف والخشية من الله ورغم فتحه لبلاد الروم وفارس فأنه لم يعش عيشة الأمراء بل عاش في مستوى أقل من الرعية حتى أن رسول الله عندما سئل عنه وجده نائما تحت شجرة فقال عبارته الشهيرة حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر ، كما ضرب أروع الأمثلة في العدالة حيث قام بجلد أبنه عندما شرب الخمر ولم يكتفي بهذا بل واصل تنفيذ حد الجلد عليه رغم وفانه أثناء عملية الجلد ووصل إحساسه بالمسئولية تجاه أموال الدولة أن طارد بعير هرب من بيت الله وعندما سأله عمر بن الخطاب لماذا فعلت ذلك فقال له والله لو أن دابة عبرت بأرض العراق لسأل عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق ولعل هذا درس لحكام هذا الزمان الذين ينشدون بالعبارات الرنانة وهم أبعد ما يكونون عن العدالة أو الخوف على مصالح الرعية سواء في إنفاق الأموال ببذخ على مشروعات لن يستفيد منها سوى الطبقة الثرية على حساب الطبقة الفقيرة او تطبيق القانون على الفقراء دون الأغنياء كما لا يمكن تبرئة الحاكم من مسئولية أخطاء معاونيه او رجال حكومته بدعوى أنه لم يكن يعلم بتلك الأخطاء وخاصة إذا كانت تلك الأخطاء تمس دين الدولة وهويتها ، ولعل مطاردة عمر للدابة الاي هربت من بيت المال لهي خير مثال على مسئولية الحاكم عن الأخطاء التي تقع في الدولة ولاشك أن الأسس التي وضعها عمر بن الخطاب في إدارة الدولة تصلح لكل زمان ومكان كما أنها عبرة وعظة لحكام هذا الزمان ولاشك أن تلك الأسس ساهمت في استقرار الدولة الاسلامية واتساع رقعتها وعندما تخلى حكام المسلمين عن تلك الأسس انهارت الدولة الاسلامية وتفكتت . فهل يستفيد حكام المسلمين من سيرة عمر بن الخطاب في إدارة الحكام حتى تعود أمتنا الإسلامية كما كانت أقوى الأمم وخير أمة أخرجت للناس .
مصطفى عمارة
إرسال التعليق