دولة الظلم

دولة الظلم

تعد آفة المعايير المزدوجة من أخطر الآفات التي تهدد بزوال أي دولة كما تسببت في إنهيار العديد من الإمبراطوريات وقد حذرنا رسولنا الكريم من ذلك عندما قال في حديث له هلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ولا أبالغ إن قلت أن تلك الظاهرة استشرت في عالمنا العربي وعلى رأسها مصر فالقانون يطبق على الضعفاء ولكنه غائب أمام أصحاب النفوذ ولعل الأزمة الحالية التي تمر بنا والتي خلفها فيروس كورونا قد أظهرت تلك الظاهرة إلى السطح فطبقت الدولة قانون حظر التجول ومنع اقامة الصلاة بالمساجد بمنتهى الحزم حتى أنها طاردت أي جماعة تقيم الصلاة ولو كانت صغيرة في الوقت الذي غاب فيه القانون عمن يخترقون الحظر من الشباب الخطر والمنحل او الذين يقودون السيارات في أوقات الحظر من أولاد ذوي النفوذ وإذا كانت أزمة وباء كورونا قد خلفت أزمة اقتصادية فكان من المفترض أن يتحمل تبعاتها رجال الأعمال الذين نهبوا ثروات مصر من غسيل أموال أو استيلاء على الأراضي ولكن للأسف فإن الفقراء ومحدودي الدخل هم من تحملوا تبعات تلك الأزمة بعد أن قامت الحكومة بالخصم من رواتب الموظفين وأصحاب المعاشات ومن عجائب القدر أن ننتقد الدول الكبرى في إتباع ازدواجية المعايير في تعاملها مع أزمات المنطقة ونحن لا نطبقها على انفسنا وكما يقول المثل فإن فاقد الشيء لا يعطيه وللأسف فإننا لم نتعلم من تجارب الماضي عندما انتخب الشعب المصري في الإنتخابات البرلمانية إبان عهد مبارك 88 عضوا من جماعة الإخوان المسلمين ليس حبا في الإخوان لأن الشعب المصري بطبيعته المعتدلة البعيدة عن الاستقطاب والتخرب لم يكن في يوما ما اخوانيا ولن يكون اخوانيا ورغم ذلك فإن الشعب المصري يحترم دينه ويقدسه رغم أنه لا يطبقه على أرض الواقع والآن يعيد التاريخ نفسه فلم يستغل النظام المصري تأييد الشعب له بعد أن أسقط حكم الإخوان وأعاد نفس الأخطاء التي ارتكبها نظام مبارك ونتج عن ذلك أن هذا النظام فقد جانب كبير من مؤيديه وهو ما أستغله الإخوان والسلفيين والتيارات المعادية في الداخل والخارج لزيادة احتقان الشعب من هذا النظام خاصة مع تفاقم الأزمة الإقتصادية التي تحمل تبعاتها الفقراء دون الأغنياء ولاشك أن تلك الأوضاع تحمل بداخلها بركان يمكن أن ينفجر في أي وقت وهو أمر بالغ الخطورة خاصة في تلك الظروف الدقيقة التي تجتازها مصر داخليا وخارجيا، إن الأمن الحقيقي للمجتمع المصري لن يتحقق إلا بالعدالة وتطبيق شرع الله ولنأخذ من سيرة الخليفة العادل عمر بن الخطاب عبرة عندما جاءه رسول كسري فوجده نائم تحت الشجرة دون حرس فقال عبارته الشهيرة حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر وبتلك العدالة تحقق الأمن والأمان للدول الإسلامية الاي سادت العالم حتى وصلت إلى جبال البرانس في الشمال والاندلس في الغرب وبلاد فارس في الشرق .

مصطفى عمارة

إرسال التعليق