مع استمرار الإحتفال بانتصارات أكتوبر
اللواء/ محمد عبد القادر بطل المدفعية المصرية في حوار خاص
– الدروس التي استفدتها من دراستي في الكلية الحربية مكنتني من التعامل مع مدفعية العدو رغم نقص الإمكانيات .
– مصر كانت قادرة على تصفية الثغرة لولا تهديد كيسنجر بالتدخل المباشر .
حفلت حرب أكتوبر بالعديد من بطولات أفراد القوات المسلحة المصرية في كافة الأسلحة ويعد اللواء محمد عبد القادر واحد من ابرز قادة سلاح المدفعية الذين ضربوا أروع الأمثلة في هذه الحرب ، وعن البطولات التي قام بها أثناء الحرب وأبعاد ما حدث بها كان لنا معه هذا الحوار :-
– شهدت حرب أكتوبر الكثير من البطولات في كافة الأفرع، فما تأثير سلاح المدفعية على مجريات الحرب وخاصة فيما يتعلق بالتمهيد النيراني للعبور وتدمير النقاط الحصينة في خط بارليف؟
أي عملية هجومية لا بد أن يسبقها تمهيد نيراني ، ذلك ان القوات المدافعة المتمركزة تكون في وضع تحصين ، وتأمين عالي جدا ، وتكون جاهزة لتدمير القوات المهاجمة ، ويجب ان نعلم ان تقدير الخسائر في أي قوة مهاجمة يعادل 3 أضعاف خسائر القوات المدافعة عادة. ولذلك كان على القوات القائمة بالهجوم منع العدو المدافع من التدخل بحرية في المعركة . ولذلك كان التمهيد النيراني الذي تقوم به عادة قوتان رئيسيتان هما القوات الجوية ، والمدفعية . والقوات لجوية لها أهدافها في العمق. بينما المدفعية هي المسئولة في خطة التمهيد النيراني عن إسكات وتدمير أسلحة العدو على الحد الأمامي لقوات العدو وذلك بقصفه قصفات شديدة تمنع العدو من رفع رأسه ومراقبة ما يحدث أمامه من تقدم لقواتنا وهو ما حدث تماما في حرب أكتوبر 73 حيث لم يستطع العدو المتواجد في حصون خط بارليف من التدخل في عملية العبور الأمر الذي أنجح العملية دون خسائر تذكر.
– ما هي البطولات التي أديتها ووحدتك في هذا المجال ؟
من أبرز ما قمت به أنا ووحدتي الصغرى والتي كنت أتشرف بقيادتها . وهي إحدى سرايا مدفعية الميدان من العيار الثقيل.( 155 مم ). كان في مساء يوم 6 أكتوبر حيث أنه مع حلول الظلام بدأت مدفعية العدو في الضرب العشوائي على الضفة الشرقية للقناة بغرض إحباط القوات المهاجمة والتي نجحت في العبور . ولما كان الظلام وعدم توفر الأدوات الدقيقة لتحديد مصادر القصف. فقد قمت باستخدام طريقة كنا قد تعلمناها في الكلية الحربية لإدارة النيران على العدو في ظل وجود نقص للإمكانيات. ولأتمكن من قصف تلك البطارية كان على تحديد إتجاهها ومسافتها لتوقيع إحداثياتها على الخريطة فقمت بقياس الإتجاه بالبوصلة ، واستخرجت المسافة مستعينا بقانون الفيزياء ( سرعة الصوت = 333,3 متر في الثانية) وبقياس الزمن الذي استغرقه صوت وصول صوت خروج الطلقة من المدفع والضرب في 333,3 امكنني حساب المسافة وإطلاق قصفة من الكتيبة سقطت على الهدف ودمرته وصار مشتعلا عدة ساعات.
– هل هناك تفوق لسلاح المدفعية المصرية على العدو الإسرائيلي قبل وأثناء الحرب؟
السؤال بهذه الطريقة لا يستقيم. فالتفوق مسألة نسبيا لاسيما خلال العمليات . فالحرب كر وفر ، وأحيانا يكون التفوق لك ، وأحيانا يكون للعدو طبقا لمراحل سير المعركة. ولكن نستطيع ان نقول أن العدو كان متفوقا في نوعية السلاح وسهولة المناورة به كونه مدافع ذاتية الحركة ، بينما نحن نعمل على مدافع مجرورة تحتاج بعض الوقت في شبكها ونقلها من خلال الجرارات التي تجرها. إلا أنن كنا متفوقون بوضوح في القدرات القتالية للضابط والجندي المصري ، وهو ما عوض الفارق في المعدة.
– يرى البعض أن حرب الإستنزاف كان لها الدور الأكبر في التمهيد لحرب أكتوبر. فما هي حقيقة ذلك؟
دعني أقول أنه لولا حرب الإستنزاف ما كانت حرب أكتوبر. فأنت لتخوض غمار حرب كحرب أكتوبر كان عليك ان تستعد لها ، وان تتدرب لها تدريبا جيدا ، وان تعد قواتك الإعداد الصحيح وتتحسب لكل صغيرة وكبيرة . وكان هذا ما يتم في حرب الإستنزاف . هذا بالإضافة إلى أن القوات كانت تحتاج إلى عمليات ” تطعيم معركة” وهي ما تعني أن تخوض عمليات صغيرة تحدث في العدو خسائرا ترفع معنوياتها وتزيد من ثقة الجندي والضابط بنفسه ومعداته. وهذا ما كان في حرب الإستنزاف.
– من المسئول عن حدوث الثغرة في الدفرسوار وهل كان يمكن القضاء عليها عسكريا؟
الثغرة في الدفرسوار كان يمكن تماما القضاء عليها عسكريا ، كما أوضح وقتها القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس الشهيد / محمد انور السادات. ، وهذا ما دفع بأمريكا إلى أن ترسل على وجه السرعة بالسيد ” هنري كيسنجر” لتحذر من تدخل أمريكا المباشر لصالح إسرائيل إن تم تصفية الثغرة . وهذا معلن ومعروف. اما من السبب فيها . فغقد كانت رتبتي ومكاني في العمليات لا تسمحان لي بتحديد ذلك . فقد كان هناك قادة كبار أقدر مني على تحديد ذلك.
– هل ترى ان الفريق سعد الدين الشاذلي كان على صواب عندما طالب بسحب القوات من الشرق لمواجهة الثغرة؟
الحرب ليست مباراة في الشطرنج لها كتب يمكن الإستعانة بها لتنفيذ ما بها من خطط. ولكن الحرب لها مواقف طارئة كثيرة تحل بأكثر من من طريقة ورؤية . وما تراه انت صحيح ، ربما يراه غيرك خطأ. وكل ذلك وارد خلال العمليات العسكرية. ولا يمكن ترجيح رأي على رأي فأنت أمام قامات عملاقة في مجالها العسكري، ولكل رؤيته وأسانيده، وفي النهاية واحد فقط من يتخذ القرار. تلك هي العسكرية.
– من خلال مواجهتك للجندي الإسرائيلي ما هو تقييمك لآداء الجندي الإسرائيلي؟
الجندي الإسرائيلي جندي مدرب تدريبا جيدا على سلاحه ، ويعرف كيف يستخدمه إلا أنه فاقد لشئ هام جدا هو ما رجح كفة المصريين . وهو أنه ليس صاحب قضية مثل الجندي المصري ، فهو في النهاية يعلم تماما أنه مغتصب لأرض لا تخصه ، ومعتد بينما الجندي المصري لديه عقيدة قوية بأنه يحرر أرضا هي أرضه . ومن هنا كان الجندي أو الضابط الإسرائيلي حينما يتعرض لموقف يصعب عليه مواجهته لا يستميت في الدفاع عن نفسه ، وإنما يستسلم حماية لروحه.
– في النهاية هناك من يشكك في حرب أكتوبر ويرى أنها لا نصر ولا هزيمة باعتبار ان مصر نجحت في عبور قناة السويس وإسرائيل نجحت في احداث الثغرة. فكيف ترى هذا؟
يا سيدي أحيلك إلى شهادة قادة إسرائيل السياسيين وقادة القوات الإسرائلية ، وأسراهم . نحن نعرف تماما ولع الصهاينة بالكذب والخداع. لذا فقد حاولوا إظهار لشعبهم أنهم قد حققوا نصرابينما شهاداتهم تكذب ما يدعون. وتذكر ” لجنة أجرانات ” التي شكلوها بعد الحرب لمحاكمة القادة العسكريون. أيحاكم قائد لنه منتصر؟؟؟ كذلك تذكر موسوعة” المحدال” أي التقصير التي صدرت في تل أبيب بهذا العنوان المخزي ” التقصير”.
حاوره/ مصطفى عمارة
إرسال التعليق