فى الذكرى السادسة لفض اعتصام رابعة

فى الذكرى السادسة لفض اعتصام رابعة

كمال الهلباوي القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين فى حوار خاص

** الاخوان ارتكبوا أخطاء كارثية أدت بهم الى الأوضاع الراهنة .

** إدارج الولايات المتحدة للإخوان كجماعة إرهابية يرتبط بمصالح الولايات المتحدة .

** هناك انشقاقات عديدة فى صفوف الإخوان ليس فى مصر وحدها ولكن فى أكثر من بلد .

على الرغم من مرور 6 سنوات على فض اعتصام رابعة إلا أن هذا الحدث لايزال يحظى باهتمام الساسة والخبراء نظرا لأن هذا الحدث شكل حدا فاصلا فى تواجد الإخوان على الساحة المصرية والجماعة لاتزال مستمرة حتى الأن ومن هذا المنطلق كان حوارنا مع الدكتور / كمال الهلباوي أحد القيادات السابقة للجماعة والذي يتحدث فى حوار خاص يتناول كافة الأسباب التى أدت الى الوضع الراهن للجماعة وأوضاعها الحالية وعلاقتها بالدولة وفيما يلي نص هذا الحوار .

– كيف تري تأثير رحيل مرسي علي خطط وتحركات الاخوان في المرحله القادمه ؟

هذه المصيبة الكبيرة ، يجب أن تدفعنا – جميعا وليس الاخوان فقط ولا التيار الاسلامى فقط – للنظر فى مستقبلنا، وإلى مصلحة مصر، أين تكون؟ فى ضوء مصلحة الامة، والانطلاق نحو استراتجية جديدة يتوافق عليها ثم يتبناها الشعب المصرى وممثلوه مهما تعددت الاراء والايدلوجيات، ومن خلال الحوار، للخروج من الصراع ومواجهة للواقع الأليم الذى آلت اليه مصر، بعدما ترنح الأمل الكبير. أقول، إن الصراع الثنائى أو الثلاثى أو المتعدد، لن يكون له فائدة على الاطلاق على الشعب المصرى. والجميع من المدنيين والعسكريين بحاجة إلى مراجعات حقيقية فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والاخلاق والدعوة وغيرها. مراجعات فى فهم الدين وفى فهم السياسة والإدارة. مراجعة فى ضوء فهم الاسلام الذى لا يتعارض مع الموقف الوطنى، ولا مع الموقف القومى، ولا مع الموقف الانسانى. المشروع الذى يراه الشعب، يجب أن يحظى بالاحترام . ( ليبرالى أو اشتراكى، أو قومى أو يسارى، إسلامى أو علمانى )، حكم مصر مواطن مسلم أو مسيحي، رجل أو إمرأة، إذ أن مصر جزء من الامة، وليست الولاية العظمى كما يفهم بعضهم خطأً.أما الاخوان بشتى فروعهم يجب أن يخرجوا عن النظرة الحزبية الضيقة ومن دعوى الشرعية المزعومة وعليهم أولا تصحيح الأوضاع الداخلية قبل التوجه الى الشعب لكسب ثقته والعمل مع الآخرين للخروج من كل الأزمات. ولعل بيان المكتب العام للاخوان المسلمين فى مصر بتاريخ٢٩-٦ وإن جاء متأخرا يكون بداية صحيحة للتصحيح. ووضع استراتيجية سليمة للمستقبل ،والخروج من الصراع الدامى.

– وهل تري ان قوي اقليميه كتركيا وقطر وايران سوف تستخدم الاخوان في المرحله القادمه كورقه ضغط علي النظام المصري ؟

هذه القوى قائمة ولها رؤيتها واستراتجياتها ولكن يجب التركيز فى مصر على أن يكون العلاج أو الاصلاح أو التغيير رسميا وشعبيا وداخليا، يشترك فيه الجميع فى الداخل أو الخارج. يسرنى أن أشكر هنا كل من وقف موقفا مشرفا من الأزمات وكل من عبر عن موقفه وتقديره لموت الدكتور مرسى، والمطالبة بالتحقيق فى أسباب الوفاة، ولكن ذلك لن يحل أزمات أو مشكلات مصر السياسية ولا الإقتصادية ولا الاجتماعية ولا الأخلاقية ولن يحل مشكلة الاخوان ولا المعارضة الداخلية ولا الخارجية. الحل سيكون محليا وداخليا، ويكفى تركيا وغيرها من القوى والدول ما لديها من تحديات.

– وهل تتوقعون ان تضع الولايات المتحدة في دول اوروبيه الاخوان كمنظمه ارهابيه في المرحله المقبله ؟

أمريكا لديها سياسات معينة منها: «سياسة البدائل»، فيكون لها فى كل بلد ركنان أو ثلاثة، ولكنها لا تفتح ملفا ولا تغلق ملفًا إلا وله استراتيجية، وهى تطبق هذه السياسة مع الإخوان وغير الاخوان، فممكن الآن لا تتهمهم بالإرهاب، ولكن ممكن بعد سنة أو أكثر تتهمهم بالإرهاب، إذا رأت أن مصلحتها هى أن تدرج الإخوان ضمن المنظمات الإرهابية ستفعل . والعجيب عندنا فى الدول العربية أن فى كل مصيبة تنزل بِنَا، نجد أن بعض الناس تناشد ترامب ليتدخل ويحل المشكلة وغير ذلك من طلبات سخيفة وغير منطقية. ترامب له مصلحته ومصلحة أمريكا، وهو عبد للصهيونية ولا ينبغى ان يكون سيدا عندنا، ولا أتوقع منه خيراً لمصر أو الخليج، أو حتى لأمريكا ذاتها. ترامب ديكتاتور وداعم للديكتاتوريين لما يراه مصلحته ومصلحة أمريكا. وهو فى صراع مع هيئاته الاستشارية، البيت الأبيض، والكونجرس، والبنتاجون، وفى صراع مع هيئات ومؤسسات حقوق الانسان وتقاريرها. لا أعتقد أنه سيأتى لحل مشاكلنا، بل إن جاء فلزيادة الصراع ولمصلحة العدو الحقيقى لنا وللأمة، وندوة البحرين فى إطار صفقة القرن،شاهد على ذلك. لا ينبغى ان نكون ضد أحد من الملوك أو الرؤساء لشخصه، حتى ناصر أو السادات أو مبارك أو مرسى أو السيسى، ولكن من الضرورى أن نكون مع مصر، والأمة، ضد الظلم والفساد والتخلف والارهاب أو إهمال إرادة الشعوب.المهم أن ننأى جميعا وليس فقط من ينتمى إلى الاخوان عن العنف اللفظى وغيره مع التبرؤ من أى أعضاء أو مجموعة تتبنى هذا العنف، وتتخذ منهجا غير منهج الاخوان الأساسى ( المنهج الاصلاحى) حتى لو كانوا قادة فى الاخوان أو شخصيات قيادية.

– وما هي حقيقة الانشقاقات داخل جماعه الاخوان المسلمين بين قيادات الحركي القديم وشباب الاخوان ؟

هناك إنشقاقات فعلا ، بل أكثر من جماعة وقيادة، وكذلك نرى بيانات متضاربة، وكله يزعم أنه هو الذى يمثل الاخوان. وبيان المكتب العام للاخوان المسلمين الأخير من القاهرة يوضح ذلك تماما. للأسف الشديد تفرق الاخوان ليس فى مصر وحدها ، ولكن فى أكثر من بلد .

– وما مددي مسئوليه الاخوان عن العمليات الارهابيه التي حدثت مؤخرا في مصر ؟

التحقيقات النزيهة وليست المسيسة هى التى تستطيع أن تحدد هذه القضية الخطيرة، وليس الأفراد لأن الملفات الكاملة ليست عندنا.

– كانت هناك العديد من مبادرات المصالحه بين الدولة والاخوان شاركتم بها فمن يتحمل مسئوليه فشل تلك المبادرات ؟ وهل تري ان المصالحه بين الطرفين وصلت لطريق مسدود ؟

نعم، كانت هناك الكثير من المبادرات من أهمها: مبادرة د.محمد سليم العوا ود. حسن نافعة ود. سعد الدين ابراهيم وغيرهم. بعضها جيد وبعضها كانت من جانب واحد لذلك فشلت. ولكن هذه المبادرات ليست جسراً يربط بين الشعب بمختلف توجهاته ، وإنما هذا الجسر يكون بالجلوس إلى مائدة واحدة، يعترفون فيه بالخطأ ،ويضعون برنامجاً لإعادة بناء الثقة فى ضوء المبادرات.وعلينا جميعا ان نتوقف عن المحاولات التى تبنى على العاطفة أكثر من العقل، وعلى النظام كذلك الاستماع للنصائح من العقلاء، فليس كل من إختلف مع النظام معاديا لمصر ولا صديقا للاخوان ومشروعهم . والمراجعات الصادقة مرآة وستظهر للجميع أين أصابوا وأين أخطاوا وتدعو للخروج من الصراع وتجنب الإشاعات والكراهية لأنها من أسباب الفشل،وستؤدى إلى مزيد من الاتهامات . فالإخوان والنظام رفضوا كل المبادرات رغم أن كل المبادرات كانت فى صالحهم ورغم ذلك رفضوها ولا أظن أن يكون هناك مصالحة قريبة بدون قبول الوضع القائم والتضحية أو قبول الهزيمة السياسية أو تراجع عن التسلط والاستبداد أو دون السعى لتوحيد الصفوف فى مصر .

– ماهو مضمون المصالحة ومع من فى الإخوان ؟ هل مع مجموعة محمد كمال رحمه الله تعالى أم مع مجموعة الشباب المنتظر لانفراج الوضع داخل الإخوان أم مع الدكتور محمود حسين والدكتور محمود عزت المختفى حتى الان أو مع المكتب العام (السرى) طبعا بالقاهرة ؟.

إن مبادرة السلم الاجتماعى أو المجتمعى التى أطلقتها فى إبريل 2018 لجميع فئات وأطياف الشعب المصرى كله لم تلق قبولا صريحا شاملا من بعض أطراف الصراع فى مصر، ولكنها ليست لمصر وحدها بل الأمة كلها، وقد تجاوب معها أطراف عديدة ممن يشعرون ويؤمنون بضرورة الخروج من الصراع إلى الحوار فى العالم العربى ، وتوفير الامكانات ، وتوجيهها إلى العدو الحقيقى بدلا من المتوهم، وهناك دعوة الدكتور أيمن نور الأخيرة للحوار الشامل ولعلها تلقى قبولا لائقا.

– في النهايه ما هي الاخطاء التي ارتكبها الاخوان والتي اوصلتهم الي تلك المرحلة ؟ وهل تنصح الاخوان بالعوده مرة اخري لتكوين جماعة دعوية بعيدا عن السياسة ؟

لقد أخطا الاخوان – وهم فى الحكم – فى حق الشعب والدولة -مصر بل الأمة – عدة أخطاء كارثية، تتمثل إجمالا ومن دون تفصيل فى النقاط العشر الآتية : تقريب أهل الثقة وإهمال أهل الخبرات، والتجارب والتخصص الدقيق/ ضعف أو عدم الوفاء بالوعود والعهود ومنها الترشح للرئاسة . / الدخول فى صراع مع معظم أهم مؤسسات الدولة. ( الجيش والشرطة، والقضاء، والاعلام) . / تعميق الانقسام والاستقطاب السياسى والدينى فى المجتمع (أهلى وعشيرتى) . / الإعلان الدستورى الفرعونى المعيب لتحصين القرارات الرئاسية وغيرها . / الاستجابة المتأخرة أوغير المكتملة لمطالب الشعب ( تغيير رئيس الوزراء أو إنتخابات رئاسية مبكرة ) . / الخطاب المشين إلى بيريز الذى وصفه مرسى بالصديق العزيز ( رغم أنه خطاب روتينى) . / ضعف الرؤية والشفافية وضعف مصارحة الشعب والاعتراف المتأخر بالاخطاء . / مؤتمر نصرة سوريا والدعوة للجهاد فيها بدلا من حل المشكلة مع دولة عربية صديقة ومجاورة وبعد فشل المعارضة المسلحة سنوات عديدة فى التغيير فى سوريا . / اهمال الحوار الوطنى الحقيقي والتركيز على الحوار مع المحبين فقط . كل هذه أخطاء كارثية فى حق المجتمع كله ولكن الأخطاء الداخلية فى الاخوان أفظع إذ كان التركيز فى السنوات الأخيرة على السياسة والسلطة أكثر من التربية والإعداد الوسطي السلمي والتنشئة الصحيحة وفق المنهج العظيم الذى وضع أسسه الامام البنا رحمه الله تعالى هذا فضلا عن الروح العاطفية الشديدة وعدم توازنها مع العقل والتخطيط السليم ، وقد دعوت الاخوان المسلمين للانسحاب من العمل السياسي بأكمله لمدة لا تقل عن 10 سنوات بعد فشلهم فى الحكم والتركيز خلال السنوات القادمة على الدعوة والتربية والأعمال الخيرية،التى نجحوا فيها كثيرا وحتى تعود ثقة الشارع المصري في قدراتهم وصلاحيتهم للعمل السياسي لأن من لا يحسن قراءة الواقع يكون نذيرا بأنه غير قادرعلى بناء المستقبل ولكن الزمن يسير والقطار لا ينتظر من وصل المحطة متأخرا وبالله التوفيق .

حاوره / مصطفى عماره

إرسال التعليق