السوريين في مصر يعيدون مرة أخرى حلم الوحدة المصرية السورية
في 28 سبتمبر عام 1961 أستيقظ الشعب العربي في كلا من مصر وسوريا على صوت راديو دمشق وهو يعلن عن محاولة انقلابية قادتها الرجعية العربية بالمشاركة قوى الاستعمار والصهيونية لإنهاء حلم أول وحدة بين مصر وسوريا والتي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في فبراير عام 1058 واعتقدت قوى الاستعمار والرجعية أن نجاح المحاولة الانقلابية في إنهاء دولة الوحدة والتي قامت تحت أسم الجمهورية العربية المتحدة سينهي حلم الوحدة بين البلدين إلى الأبد إلا أن إرادة الشعبين ورفضها الإنفصال كانت أقوى من كل مؤامرة لفصل البلدين اللذان تربطهما وشائح التاريخ والكفاح المشترك ، وتحدت تلك الإرادة محاولات تفكيك المنطقة العربية عقب ثورات الربيع العربي وكما كانت مصر دائما حضن لأشقائهم السوريين في كل الأزمات كانت القاهرة على العهد دائما فاستقبلت الآلاف من الأشقاء السوريين الذين هربوا من جحيم المعارك الدائرة منذ سنوات وأصبحت مصر خلال فترة قصيرة موطنا للسوريين الذين خاضوا رحلة كفاح طويلة بمشاركة اشقائهم المصريين ليصنعوا معا نموذجا رائعا لوحدة الشعبين التي تحدت كافة الصعاب وأثبتت للعالم أن قوى البغي والعدوان لن تستطيع أن تفصل الشعبين التي تربطهما علاقة حب أقوى من الزمن بل أقوى من الحياة ، وتشير تقارير حكومية أن عدد السوريين في مصر تجاوز ال500 ألف سوري وتجاوز عدد المستثمرين السوريين المقيمين في مصر ال30 ألف مستثمر يساهمون بأكثر من 800 مليون في السوق ووصل عدد الشركات السورية منذ أول يناير عام 2018 وحتى شهر سبتمبر من نفس العام 818 شركة تمثل ربع الشركات الأجنبية العاملة في مصر برأس مال قدره 69.93 مليون دولار ، وتتركز مشاريع السوريين في المطاعم وصناعة المنسوجات وتستوعب العمال المصريين ويعمل معظم رجال الأعمال السوريين في منطقة الرحاب إلا أن غالبية التجار السوريين يتركزون في حي السادس من أكتوبر وخاصة منطقة الحصري والتي أصبحت قطعة من دمشق ، وفي استطلاع للرأي أجريناه مع عدد من التجار السوريين المقيمين في هذا الحي قال عبد الرحمن محمد صاحب محل عطور من حمص أنه أختار مصر للإقامة فيها لأن الشعب المصري قريب جدا من الشعب السوري وشجعتني خالتي التي سبقتني إلى مصر في إتخاذ هذا القرار وبالفعل وجدت من المصريين كل الترحاب والدعم سواء في الإقامة أو التجارة وقبل مجيئه إلى مصر كان يعمل في مجال الكمبيوتر ثم الملابس والمعارض السورية ثم أفتتح محل للعطور والتي لاقت رواجا لدى المصريين ، وعن مطالبه من الحكومة المصرية قال أن الحكومة المصرية وقفت بجانبنا ولكننا نتمنى حل مشكلة الإقامة حتى يتم لم شمل الأسر المصرية ، وتحدث أبو هشام صاحب محل ملابس فقال أن المصريين كان لهم دور كبير في نجاح السوريين حيث تعاطفوا معنا وقدموا لنا تسهيلات وخاصة التجار المصريين بالإضافة إلى أن نجاحي في هذا المجال كان أيضا لأنني اكتسبت المصداقية لدى زبائني ، وعن العقبات التي واجهها في مصر قال أنه لا توجد عقبات لأن المصريين يتعاونون معنا والحكومة تقدم لنا كافة التسهيلات ولم تقتصر نشاطات التجار السوريين على المهن التقليدية بل امتدت أيضا إلى بيع مأكولات شعبية مصرية كالفول والطعمية حيث أفتتح عدد من التجار السوريين عدد من محلات الفول والطعمية تفوقوا خلالها على إخوانهم المصريين يقول خالد السوري صاحب أحد تلك المحلات أن إقبال المصريين على شراء الطعمية السوري ناتج عن استخدام التاجر السوري الحمص بدلا من الفول في عملها واستطاع محمد السوري أن يحقق نجاحا باهرا في مجال الحلاقة بعد أن أفتتح محل للحلاقة في مصر مستغلا خبرته في هذا المجال حيث كان له محل حلاقة في سوريا قبل المجيئ إلى مصر واستطاع بحسن المعاملة أن يجذب إليه الزبائن المصريين ، وتعليقا على رحلة نجاح السوريين في مصر قال المهندس راسم الاتاسي رئيس رابطة الجالية السورية في مصر أن السوق المصري يتميز بتنوعه واختلاف الأذواق وهو ما يعطي دفعة للمنتج وللمصنع لإنتاج المزيد من المنتجات بمختلف الأذواق وعن المشاكل التي تواجه الاستثمار السوري في مصر قال أنه فضلا عن مشكلة الإقامة فهناك إجراءات قانونية تعجيزية حيث يستغرق المستثمر عاما كاملا من أجل إنهاء تصريح العمل فضلا عن إلزام كل من أراد الإقامة أن يكون له أطفال في المرحلة التعليمية إلا أنه من خلال الإتصالات التي اجريناها خلال الفترة الأخيرة أصبح هناك محاولة لإزالة الصعوبات التي تواجه المستثمرين وهو ما سوف يعود بالايجابية على السوق المصري وانتعاش حركة التجارة ، ونفى رئيس الرابطة السورية الشائعات التي يحاول البعض ترويجها عن إثارة السوريين المشاكل في مصر مؤكدا أن هناك محاولة من أعداء التقارب بين الشعبين لضرب تلك الوحدة مؤكدا أن خروج المصريين في مسيرات للترحيب باخوانهم السوريين باعتبارهم جزء من الشعب المصري لهي خير رد على هؤلاء الذين يحاولون ضرب الوحدة بين الشعبين والتي سوف تظل باقية عبر التاريخ .
تحقيق
مصطفى عمارة
نادية عبد الحليم
إرسال التعليق