مصطفى عمارة يكتب زمن الخنوع
كتب-مصطفي عمارة
كان أول المبادئ التي بثها الدين الإسلامي الحنيف في نفوس أتباعه هو بث مبادئ العزة والكرامة وعدم الخضوع لغير الله وهو ما نص عليه القرءان الكريم في أكثر من أية قرآنية كما حث عليه رسولنا الكريم وترجمه الصحابة عمليا في أكثر من موقف فعندما بلغ مسيلمة الكذاب الزكاة بعد رسول الله صمم الخليفة أبو بكر رغم رقة احساسه على قتال المرتدين وقال كلمته الشهيرة ” والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه ” وفي عصر الدولة العباسية عند ركل روماني إمرأة مسلمة في حصن عمورية بعث المعتصم بالله رسالته الشهيرة إلى قائد الحصن الروماني طالبا منه الإعتذار للمرأة المسلمة مهددا إياه بتجهيز جيش أوله في بغداد وآخره في دمشق تلك هي العزة التي غرسها الإسلام في نفوس أبنائه والتي من خلالها فتح المسلمون بلاد العالم من مشرقها إلى مغربها وعندما ضعف المسلمون واتجهوا إلى إشباع ملزاتهم على حساب دينهم تهاوت الإمبراطورية الإسلامية الواحدة تلو الأخرى حتى وصل بنا الأمر إلى تقسيم الدولة الواحدة إلى دويلات يقاتل بعضها البعض وحتى وقت قريب وفي عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رفض جمال عبد الناصر المعونة الأمريكية المشروطة لبناء السد العالي لأنها جاءت على حساب كرامة وعزة المصريين وللأسف فإن تلك المبادئ اندثرت رويدا رويدا بعد وفاة الزعيم الراحل خاصة بعد توقيع مصر إتفاقية كامب ديفيد حيث نجحت إسرائيل من خلال الغزو الثقافي والفكري في تحقيق ما فشلت فيه عسكريا فتم غزو العراق دون أن يحرك العرب ساكنا وكان الأمر لا يعنيهم بل وصل الأمر إلى تواطئهم مع قوات الغزو لاحتلاله وكان من الطبيعي أن يدفع العرب الثمن عندما سيطرت إيران على مفاصل الدولة السياسية لتكون شوكة جديدة في الجسد العربي ، ووقف العرب موقف المتفرج وهم يرون إسرائيل وهي تقتطع يوميا من الأراضي الفلسطينية لإقامة مستوطنات عليها بل كرر العرب مأساة العراق وطلبت الجامعة العربية لأول مرة تدخل الناتو لضرب ليبيا وأخيرا نزع العرب حمرة الخجل ، فرغم مبادرة السلام العربية التي نصت أنه لا تطبيع للعلاقات إلا بعد انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس فبادرت الإمارات إلى الإعلان الرسمي عن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل تلتها البحرين دون أن تقدم إسرائيل أي خطوة على إعادة الحقوق الفلسطينية بل شجعها ذلك على التمادي في غطرستها وابتلاع المزيد من الأراضي وشاهدنا لأول مرة وفود إماراتية وبحرينية وهي تزور اسرائيل وعلامات البهجة ترتسم على شفتهم وكأنهم يحجون إلى ببت الله الحرام وألا كان يمكن فهم هذا الموقف من دول ارتضى حكامها الذل والخنوع طمعا في حماية الولايات المتحدة وإسرائيل لعروشهم فإن ذلك لا يمكن قبوله من مصر قلب العروبة والإسلام والتي ضربت للعالم أروع الأمثلة في الدفاع عن المبادئ عندما بعث الرئيس السيسي رسائل تهنئة لحكام الإمارات والبحرين والسودان وهو يعلم أن تلك الخطوة تمثل تهديدا خطيرا للأمن القومي المصري وكأن الأمر لا يعنيه وللأسف فإن زمن الخنوع امتد من الحكام إلى الشعوب بل الأسر نفسها فتفاضى أب الأسرة عن ارتكاب زوجته أو بناته المحارم بدعوى الحرية رغم أن ذلك يمثل قمة العبودية في الخضوع للغرائز والشهوات على حساب دينه وعزته وكرامته ، إننا في تلك اللحظات الدقيقة من تاريخ أمتنا نحتاج إلى وقفة مع النفس فلا يمكن لنا أن نستعيد قوتنا وننتشل أنفسنا من الابتلاءات التي تواجهنا دون العودة لديننا لأن به النجاة من تلك الابتلاءات واستعادة مجدنا وقوتنا حتى ينطبق علينا ما قاله الله ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ” وليس بعد كلام الله قول يقال .
إرسال التعليق