الحزب الطليعي الاشتراكي الناصري في العراق في ذكرى قيام ج ع م: آن الأوان لتفعيل مشروع الوحدة العربية في مواجهة كثافة المشاريع العدوانية الخارجية والتحديات الداخلية
كتب-مصطفي عمارة
لا .. للاحتلال والدكتاتورية والطائفية والعنصرية
نعم .. للاستقلال والديمقراطية والوحدة الوطنية والقومية
في مثل هذا اليوم من العام 1958 أُعلن قيام دولة الوحدة(ج ع م)، بين مصر وسورية بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، التي جاءت نتاجا لكفاح قومي متواصل ضد الإحتلالين العثماني والغربي البغيضين، وتبلور فكرة القومية العربية لأمة واحدة مزقها أعدائها ضد إرادتها وضد مصالحها، في إطار حق تقرير المصير القومي بتطابق الحدود القومية للأمة مع الحدود السياسية للدولة، الذي كان هذا الحق السمة الأبرز لتطور العلاقات الدولية والمجتمعات البشرية منذ القرن الثامن عشر وإلى الآن، حيث أطلق على هذا العصر عصر القوميات، الذي حاولت العولمة الرأسمالية المتوحشة أن تلغيه، لكنّ محاولاتها جميعا إنتهت بتأكيد فكرة الأمة ودولتها القومية أقوى من أي وقت مضى، حيث الصراعات القومية التي تضاعفت وتيرتها بعد إنتهاء الحرب الباردة في تأكيد هذه الفكرة البشرية الموضوعية المصيرية، وجودا وتقدما ومستقبلا.. كما جاءت الوحدة نتاجا لسلسلة المنجزات المادية والفكرية التي حققها الزعيم عبد الناصر بقيادته لثورة 23 يوليو في مصر العروبة، والتي تبلورت في تيار فكري شعبي ناصري عارم، ومدّ قومي جماهيري تجاوز الحدود الإستعمارية المصطنعة، وإستجابة قومية فرضت الوحدة بين مصر وسورية كأساس للوحدة العربية الشاملة.. ما فرض متغيرا إستراتيجيا جوهريا لصالح العرب في هيكل النظامين الدولي والإقليمي وموازين القوة فيهما، وخلق طوقا من حول الكيان الصهيوني، وبلور إمكانيات التقدم والتنمية البشرية والمادية، وأطلق موجة ثورية تمثلّت بثورة تموز المجيدة في العراق وحركة التحرر العربية، وفتح آفاق الوحدة العربية الشاملة.. الأمر الذي شكّل خطراً مباشرا على القوى الإستعمارية والصهيونية والشعوبية والإنتهازية والحزبية الضيقة وطلاب السلطة، لتتعاون جميعها في جريمة الإنفصال في 28 أيلول 1961، بما فيها الجناح اليميني في حزب البعث، حيث وقع عفلق وصلاح البيطار على وثيقة الإنفصال، وليستكمل هذا الجناح جريمته بعد ذلك في ضرب ميثاق الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق في 17 نيسان 1963، ثم ضرب الوحدة بين العراق وسورية في عام 1979، ويمهد الطريق بعد ذلك، بدكتاتوريته الفجة وإدارته البدائية المتخلفة، لإحتلال العراق في 2003، وبالتالي تشويه الفكر القومي العربي، الذي واجه حملة شعواء من قبل قوى الإحتلال والشعوبية، مع أن التيار الناصري والقومي العربي بشكل عام كان أول ضحايا إنقلاب البعث في 17 تموز 1968.. وتتزامن هذه الذكرى مع تردٍ خطير للأمة العربية ودولها في مواجهة التحديات الداخلية ومخاطر المشاريع العدوانية لخماسي ” المحفل الأمريكي الصهيوني الشعوبي الإرهابي” المتمثل: بأمريكا والكيان الصهيوني ونظامي الفصل العنصري والطائفي في طهران وأنقرة والنظام المجهري في الدوحة، وأدواتهم من الأخويات الشعوبية الطائفية الإرهابية المتأسلمة، وحاكمية وتنظير مرشدي وولاة الفقه وليبراليي الموجة الثالثة للإحتلال.. ومن بؤس المرحلة أن جرثومة الطائفية قد ضربت بعض أطراف التيار القومي العربي، فنراهم يهاجمون إيران لحساب تركيا، أو يهاجمون تركيا لحساب إيران، دون إدارك أن نظامي طهران وأنقرة المتحالفين لا يختلفان عن الكيان الصهيوني الغاصب لا في الدرجة ولا في النوع ويلتقيان معه على أرضية وأهداف شعوبية وعدائية واحدة ضد العرب والعروبة.. وإزاء كثافة هذه التحديات والمخاطر، فإن العرب مطالبون جميعا بإعادة قراءة وجودهم ومصالحهم ومستقبلهم برؤية جديدة في إطار متغيرات البيئة الدولية والإقليمية الخطيرة والتحديات الداخلية التي تفرضها هذه المتغيرات، وذلك بإتجاه تفعيل جدي لمشروع الوحدة العربية، وتحت أي شكل دستوري، يطرح العرب قطبا دوليا واحدا موحدا، سياسيا وإقتصاديا وأمنيا وإستراتيجيا وحضاريا، في عالم لم يعد فيه مكان للقوة والمقدرات المشتتة والدول الصغيرة والهامشية.. ومسؤولية القوى الناصرية والقومية والوطنية الحيّة بشكل عام، أن تدفع بنضالها الشعبي نحو هذا الهدف الرئيس في هذه المرحلة، مستلهمين من ذكرى ج ع م دافعا وزادا في معركة المصير القومي.
الأمانة العامة
إرسال التعليق