مع تزايد التوترات في المنطقة د/ طارق آل شيخان الشمري رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية (كارنتر) ورئيس الجمعية العربية للصحافة والإعلام بكارنتر (ارابريس) في حوار خاص
– المصالحة بين دول الرباعي العربي شكلية أما المصالحة الحقيقية فلن تحدث إلا إذا أستسلم أي من الطرفين لشروط الآخر وهذا لن يحدث .
– سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة متخبطة نتيجة اختلاف الرؤى بين العناصر المشكلة لتلك الإدارة وسوف تصعد ضغوطها خلال المرحلة المقبلة على مصر والسعودية والامارات .
شهدت الفترة الماضية زيادة حدة التوتر في أكثر من منطقة سواء بين مصر والسودان من جهة وأثيوبيا من جهة أخرى حول قضية سد النهضة أو في اليمن بعد تزايد اعتداءات الحوثيين على الأراضي الليبية يأتي هذا في الوقت الذي شهدت سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تحولات في التعامل مع قضايا المنطقة من خلال التركيز على ملفات حقوق الإنسان والحريات أو الانفتاح بصورة أكبر على إيران وهو ما أحدث نوع من التوتر بين تلك الإدارة والدول العربية الحليفة لها ، وفي ظل تلك التحولات أدلى د/ طارق آل شيخان الشمري رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية (كارنتر) ورئيس الجمعية العربية للصحافة والإعلام بكارنتر (ارابريس) بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره تجاه قضايا المنطقة وفيما يلي نص الحوار :-
1- ما هي وجهة نظركم في الأسباب التي دفعت دول الرباعي العربي وقطر إلى عقد مصالحة في هذا التوقيت ؟
بداية علينا ان نعرف وندرك ان ما حدث هو ليس مصالحة بتاتا. وليس عفا الله عما سلف. وليس تنازل مطلقا عن سياسة الطرفين. فقطر لن تتخلى أبدا عن سياسة 96 القطرية التي ترتكز على ثلاث أسس وهي مبدأ قطر أولا واخيرا ومبدأ بناء امبراطورية قطر العظمى. وبهذين المبدأين سيكون المبدأ الثالث وهو اسقاط الانظمة العربية سواء التي رفضت انقلاب الامير الوالد الشيخ حمد بن خليفة ضد والده المفغور له بإذن الله الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عام 95، او التي ستقف حجر عثرة سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر أمام سياسة قطر ومبادئها الثلاث. لهذا فقد بنت قطر امبراطورية اعلامية تمثلت بقناة الجزيرة وامبراطورية مالية مثمثلة بصندوق السيادة القطري وامبراطورية دينية تمثلت في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين واستخدام هذه الامبراطوريات كأدوات وقوى ناعمة لتحقيق المباديء الثلاث التي تشكل سياسة 96 القطرية. فقناة الجزيرة استخدمتها قطر لضرب الدول التي رفضت انقلاب 95 وهي دول الرباعي الان السعودية والبحرين والامارات ومصر, ولضرب اي دولة عربية تعتقد قطر انها يجب ازاحتها من المشهد حتى تسوق قطر نفسها كحامية للديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الانسان، حتى وان لم تكن رافضة لانقلاب 95. وللتذكير، فإن اول دولة استهدفتها الجزيرة كانت الكويت لانها كانت مثالا للديمقراطية وحرية التعبير بمنطقة الخليج. علاوة على ذلك كانت تونس والجزائر والمغرب والاردن والعراق وسوريا ولبنان والسودان، وهي دول لم ترفض انقلاب 95 ضحية لقناة الجزيرة. وكذلك الامر مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو خليط من الاخوان والاقليات تجمعهم فكرة واحدة وهي ضرورة اسقاط الانظمة العربية وتغيير الهوية الدينية والعربية واحلال فكر يشابه الفكر الخميني من حيث سيطرة الكهنوتية على الدولة ومفاصلها وتمجيد كل ما هو غير عربي مقابل تشويه كل ما هو عربي، ذلك لان وجود اي رمز عربي او اي شكل من أشكال الوحدة العربية يعتبر بمثابة مصل كيماوي يقضي على سرطان الاخوان, ولهذا، وخوفا من توحد العرب، نجد الاخوان دائما يسوقون ويطبلون لأي رمز اعجمي كالخميني حتى وان مس عقيدة العرب المسلمين وقام بتكفيرهم وشتم امهات المسلمين . وكذلك الامر نجدهم يمجدون بأي زعيم تركي كأردوغان لكي يستعبد العرب المسلمين ويهيئون له كل شيء لكي يحتل سوريا ومصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب والاردن والعراق والخليج، ويمجدون بعصابات ما تسمى بالخلافة العثمانية مقابل تسفيه اكبر امبراطورية عربية عرفها التاريخ كالدولة الاموية والعباسية. لهذا نجد هذا الاتحاد مسخر لكل من اهداف ايران واردوغان، ويهاجم الازهر الشريف وهيئة كبار العلماء بالسعودية.
2- هل تتوقعون نجاح تلك المصالحة أم أن يستمر النظام القطري في مرواغاته ؟
الساذج هو فقط من يعتقد بأن قطر ستتنازل عن كل ما بنته وصرفت عليه المليارات خلال السنوات الماضية، وتتخلى عن حلم امبراطورية قطر العظمي من اجل ما تسمى بالمصالحة، ومن أجل سواد اعين دول الرباعي العربي.أما دول الرباعي فلن يتنازلوا ابدا عن سياسة التصدى لقطر وحلمها باسقاط الانظمة العربية. وماحدث هو دول الرباعي أرادت اعطاء قطر فرصة للعودة للرشد. وأرادت قطر اعطاء نفسها فرصة لترتيب اوراقها وفك الحصار المفروض عليها، وانتظار تحسن الظروف التي تغيرت واقصد هنا سقوط الاخوان وفشل مؤامرة الربيع العربي وصعود السعودية لدول العشرين وحزم السيسي وبناءه لمصر الجديدة، ودخول لاعب حديد لقوة وهي الامارات وانحسار شعبية الجزيرة نتيجة خطأ تغيير لهجتها بعد قمة العلا مما جعلها نؤكد تبعيتها لقطر وليس للشارع العربي وكذلك سقوط مشروع اردوغان الاستعماري والذي راهنت عليه قطر بشكل كبير جدا. لهذا، فإن كانت هناك مصالحة حقيقة فهو بحالتين الاولى إما رفع قطر للراية البيضاء واستسلامها وانهاء سياسة 96 وحلم امبراطورية قطر العظمي، او رضوخ دول الرباعي واستسلامهم ورفعهم الراية البيضا لقطر وتركها تفعل ما تشاء من دون التعرض لها بتحقيق سياسة 96. وكلا الاحتمالين لن يحدثا. ما حدث هو استراحة محارب. وستعود الاومة بعد سنوات وبشكل ثاني وبلاعبين جدد .
3- في ظل الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية الجديدة من رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب والانفتاح على إيران ، هل تتوقعون تغييرا في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه قضايا المنطقة ؟
بداية عقلية وبايدن نفسه وان كان محتك سياسيا ولا أحد يجادل ابدا بتاريخه السياسي الكبير. الا انه يبدو انه لا يمتلك صلابة اتخاذ القرار مثل ترامب. فالقرار الامريكي هو نتيجة دمج ثلاث جهات. بايدن ثلاثون بالمئة وطاقم ادارته ثلاثون بالمئة والخطوط الخلفية واعني بها اوباما وهيلاري وبيل كلنتون وبقية الديمقراطيين ثلاثون بالمئة. ومن شأن هذا الامر ان يجعل قرارات البيت الابيض متخبطة نتيجة هذا الاختلاف بالرؤى. وخير مثال رفع بايدن تصنيف الحوثي جماعة ارهابية ومن ثمة معاقبة قادتها. وكذلك تضارب التصريحات أو بالاحرى تضارب الرؤى والتصريحات بين البنتاغون (ملتزمون بأمن السعودية ضد هجمات الحوثي) وبين وزارة الخارجية (على السعودية وقف الحرب باليمن والعمل على حل سياسي). لهذا، فإن هذه الادارة ستكون أضعف وأسوأ ادارة مرت على التاريخ السياسي للولايات المتحدة، وستشجع ايران وكوريا الشمالية وروسيا والصين على زيادة تحديها لأعظم دولة بالعالم، بسبب ادارة بايدن ، لهذا فآن رفع اسم الحوثيين من قائمة الارهاب له ثلاث استنتاجات اولها هو التخبط الكبير لهذه الادارة حيث لاحقا قامت بوضع اثنين من قادة الحوثي على قامئة العقوبات. ثاني هذه الاستنتاجات هي ان الحوثيون هم مجرد ورقة بيد ايران وواشنطن. فرفع الحوثيين من القائمة كان بمثابة جزرة لايران للعودة للاتفاق النووي. وحينما تعنتت ايران وصعدت لهجتها بعدم العودة للاتفاق الا بعد رفض العقوبات بل وحرضت الخوثي على زيادة قصفها للسعودية والهجوم على مأرب، لجأت واشنطن لادراح عقوبات على قائدين حوثيين كعصا ضد ايران. اما الاستنتاج الثالث هو ان رفع الحوثي من القائمة هو بمثابة رسالة امريكية للحوثي بالاستمرار بشن هجمات ضد السعودية ومحاولة السيطرة على مأرب, وفي هذا اولا استخدام الحوثي من قبل واشنطن ضد السعودية، وثانيا ان ادارة بايدن مشاركة بجرائم الحرب والقتل التي تقون بها جماعة الحوثي.
4- هل تتوقعون ممارسة تلك الإدارة ضغوطات على الدول العربية الحليفة في مجال الحريات وحقوق الإنسان ؟
بالتأكيد سيمارسون ضغطا ضد أهم وأقوى ثلاث دول عربية وهي مصر والامارات والسعودية ذلك لان هذه الدول هي من اسقطت مؤامرة اوباما الخامنائي اردوغان الاخوان المسماة بالربيع العربي. لذلك هناك ثأر كبير بين هذه الادارة وهذه الدول الثلاث. وسترتكز المؤامرة الجديدة لهذه الادارة على ما تسمى بحقوق الانسان وحرية الصحافيين وحقوق الاقليات. وسيدفعون بعملائهم ويدعمونهم لتنصيب هؤلاء العملاء انفسهم مدافعون عن المجتمع العربي. لكن بايدن وادارته سيصابون بفشل لن يتوقعونه ابدا. قضية استغلال خاشقجي والبكاء عليه في الوقت الذي تقصف فيه اسرائيل قنايل تجعل اشلاء عائلة كاملة تتناثر من دون ان يبكي عليه بايدن وادارته، ستجعل المجتمع العربي المسلم، باستثناء الاخوان المسلمين طبعا، يلعن متاجرة بايدن والغرب وايران وتركيا بقضية خاشقجي، ويدرك مدى قذارة كل من يتاجر بقضية خاشقجي.
5- ما هي رؤيتك لمستقبل الأوضاع في ليبيا خاصة بعد اختيار حكومة جديدة ومجلس رئاسي مؤقت ؟
بإختصار شديد ويصل للقاريء بكل وضوح، فإن ما حدث من اجتماعات وانتخابات وتفاهمات أدت الى حكومة ليبية تقود ليبيا لحين الانتخابات، فإن مصر بقيادة السيسي ومن ورائها الامارات والسعودية هي من كان لها الادور الاكبر في هذا الامر. بمعنى أنه لولا لاءات السيسي وخطوطه الحمراء ضد اردوغان والاخوان وتجار الحروب بأن مصر لن تسمح مطلقا بتهديد الامن القومي المصري والليبي. ولولا التطمينات المصرية بأن باب التوبة مفتوح لمن كان يراهن على اردوغان ويريد العودة الى رشده ومحيطه العربي، وبأن مصر ستكون له الداعم الاكبرله في بناء الدولة الليبية لما نتج من حكومة وحدة وطنية. ويتضح ذلك من خلال من كانوا تحت إمرة اردوغان كيف زاروا مصر وعرفوا بأن التي ستبقى لهم مستقبلا هي مصر وليس اردوغان والاخوان. هذا بالطبع مع النية الصادقة للوطنيين الليبيين الذين وضعوا يدهم بيد اخوانهم العرب حتى وصلوا الى ما وصلت اليه الامور من تفاهمات نسأل الله ان تستمر ويتم طرد العثمانيين والاخوان من ليبيا.
6- ماذا بالنسبة لمستقبل الأوضاع في لبنان في ظل أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية ؟
لبنان دولة محتلة من قبل إيران من خلال حزب الله. والسؤال لا يتعلق بتشكيل حكومة لبنانية. السؤال الان متى يثور اللبنانيون ويطردوا ايران من لبنان ؟ بمعنى ان جل اهتمام اللبنانين يجب ان يتركز الان حول: متى ستوجه تهمة الخيانة العظمى لحسن نصرالله واعوانه؟ بعدها سيتم بناء لبنان الجديد من دون الخونة والعملاء.
7- هل تتوقعون اندلاع نزاع مسلح خلال الأشهر القادمة حول المياه خاصة مع تعنت الجانب الأثيوبي في ملف سد النهضة ؟
لن يكون هناك نزاع مسلح لأن النزاع سيهدد منطقة القرن الافريقي وسيمتد شرره للسودان ومصر، وستستغل القاعدة وداعش هذا الامر ليكون ملاذا لهم. وفي ظل الوحدة القائمة الآن بين مصر والسودان، على الاقل في مسألة مواجهة اثيوبيا بخصوص سد النهضة، وفي ظل انحسار الدعم الخفي التركي والقطري لأبي أحمد، فإن الحل سيكون واقعيا وسترضح اثيوبيا بالنهاية ويكون هناك اتفاق يرضي الجميع.
حاوره/ مصطفى عمارة
إرسال التعليق