بعد انتقاداته الحادة للسلطة المصرية

بعد انتقاداته الحادة للسلطة المصرية

نائب البرلمان أحمد الطنطاوي فى أخطر حوار

** لست مشغول بالحفاظ على عضويتي فى مجلس الشعب بل حريص على احترامي لنفسي واحترامي للناخبين الذين أعطوني صوتهم .

** التعديلات الدستورية تعد رده وانتكاسة وإعادة نظام الحكم فى مصر الى العصور الوسطى .

** مجلس النواب الحالي هو الأسوأ فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية .

شهدت الفترة الماضية قيام عضو البرلمان المصري السيد / احمد الطنطاوي بتوجيه انتقادات حادة للسلطة المصرية وأدائها فى إدارة الحكم وعقب تلك الانتقادات ألقت أجهزة الامن المصرية القبض على مدير مكتبه حيث وجهت إليه تهمة الإنضمام الى خلية أمل التى تتهمها السلطات المصرية بوجود صلات بينها وبين جماعة الإخوان المسلمين وفى ظل تلك التطورات أدلى النائب أحمد الطنطاوي بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إزاء الأوضاع على الساحة السياسية المصرية وفيما يلي نص هذا الحوار .

– هل تعتبر أن القبض على مدير مكتبك هو إنذار موجه لك بعد انتقادك للسلطة المصرية ؟

أنا أرى أن الملفات القانونية يجب ألا تختلط بالملفات السياسية وسوف يكون محزن بالنسبة لي أن تدار الأمور بهذا الشكل فهناك شاب يعمل فى مكتبي ومجموعة من أصدقائي يتم التحقيق معهم الأن بتهم أرى من وجهة نظري وبعد الإطلاع على التحقيقات أنها ملفقة وليس لها أى أساس وأنا أنتظر أن ينتهي الأمر بشكل سريع بتبرئة هؤلاء الأشخاص وغيرهم لأنه لايوجد شيئ يسمى خلية أمل على الإطلاق ولكن هناك تحالف سياسي وانتخابي أسمه تحالف أمل ورغم هذا فإن تلك القضية لا تشغلني على الإطلاق لأنني لست حريص على عضوية مجلس النواب بل حريص على احترامي لنفسي واحترامي للناخبين الذين أعطوني ثقتهم وأنا أفعل ما يريح ضميري ويحقق صالح المواطنين وكل ما أطلبه أن أدفع ضريبة أفعالي ولا يتحملها أحد غيري وهذا ما قلته منذ قضية تيران وصنافير ويجب على مؤسسات الدولة أن تقف على مسافة واحدة من الجميع فى حالة التنافس السياسي بين الأغلبية والمعارضة لأن تلك المؤسسات ليست ملكا للسلطة .

– وماهى إمكانية استمرار تحالف أمل وعدد من أعضائه بعد اتهامهم بالإنتماء للإخوان ؟

ليس هناك اى علاقة بين هذا التحالف والإخوان لأن هذا التحالف تم بتوافق بين رؤساء الأحزاب والشخصيات العامة والسياسيين فى اجتماعات علنية عقدت بمقرات الاحزاب فى اجتماعات علنية كانت متاحة للصحافة وكان من المفترض أن يقدم هذا التحالف للناخب المصري بديلا للاختيار بين نظامين أسقطهما الشعب المصري واستمرار هذا التحالف مرهون بإرادة أعضائه وليس بإرادة طرف منفرد .

– وماهى رؤيتك للمشاورات التى يجريها تكتل 25-3 ليكون بديلا أو منافس للأحزاب الحالية فى الانتخابات القادمة ؟

الأفضل هو الاتفاق على برنامج للخروج بمصر من الأزمة التى تعاني منها وهى أزمة مركبة على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية فضلا عن الأزمات المتعلقة بمصالح مصر الحيوية فى المنطقة ولايمكن لطرف منفرد أن يقدم بديلا وأرى أنه من الأفضل الاتفاق على برنامج الحد الأدنى بين الأحزاب والسياسيين والبرلمانيين لطرحه على الشعب المصري فى صورة بديل مكتمل .

– مع قرب إجراء الانتخابات المحلية والبرلمانية هناك مشاورات تجري بين عدد من الأحزاب لإقامة تكتلات سياسية فهل ترى أن تلك التكتلات أصبحت ضرورة لمواجهة بعض الأحزاب المحسوبة على النظام ؟

هناك جهد كبير يتصدى له فى المقام الأول أجهزة يفترض أنها ليس لها علاقة بالملف السياسي أو الانتخابات ولكن للأسف أوكل إليها هذا الملف من أجل جمع القوى والأحزاب المؤيدة للسلطة إلا أن الناخب المصري يجب أن يكون له الحق فى اختيار الأحزاب التى يريدها .

– كيف ترى التعديلات الدستورية الأخيرة والتى يرى البعض أنها تكرس لديكتاتورية جديدة ؟

هذه التعديلات تعد رده وإنتكاسة وإعادة نظام الحكم فى مصر الى العصور الوسطى واعتراضي على هذه التعديلات يرجع إلى أنها تعد تشويه وإعتداء على دستور حاز على أغلبية كاسحة من الرضا الشعبي كما أنني أرى أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة وأتوقع أننا سوف نكون بحاجة الى إعادة إصلاح ما أفسدته تلك التعديلات إن لم نكن بحاجة الى طرح عقد اجتماعي جديد على المصريين من خلال دستور عصري حديث ينقل المصريين الى زمانهم وأحلامهم فى بناء الدولة الوطنية العصرية فى مصر .

– وهل ترى أن الأمر يتطلب عقد حوار مجتمعي ومصالحة شاملة لمواجهة تحديات المرحلة القادمة يشارك فيه كل الأطراف السياسية والدينية ؟

أرى أن التحاور فى الأمور الدينية لها محافل مختلفة عن التحاور فى الأمور السياسية وأعتقد أن المجتمع المصري تجاوز فكرة الاستقطاب الحاد الذى تم تغذيته بشكل خاطئ فى سنوات ماضية لأن المجتمع المصري بطبيعته متسامح ومتألف وغير مقسم الى جماعات عرقية أو دينية أو طائفية كما هو الحال فى مجتمعات أخرى والتى تطور الصراع بينها الى حروب أهلية غير موجودة بحكم تكوين المجتمع المصري .

– وهل تتوقع أن تؤدي الازمة الاقتصادية الراهنة وغياب الحريات الى اشعال ثورة أخرى على غرار ثورة يناير ؟

أرى أننا عندما نصل الى هذا الأمر فإن ذلك يعد إعلان عن فشل الحياة السياسية على ضفتيها فى السلطة والمعارضة وحتى لا نصل الى هذا الأمر يتوجب على السياسيين أن يفتحوا مسارات تجنب الجماهير مثل هذه الخيارات التى لها ضريبة كبيرة فالثورات ليست نزهة تخرج إليها الشعوب وإنما تلجأ إليها مضطرة فى حالة انسداد الأفق السياسي ومن هذا المنطلق فإن مصر تحتاج الى التغيير السياسي عبر صناديق الانتخاب للوصول الى مستقبل أفضل من الذي تعيشه الأن .

– وماهى رؤيتك للإصلاحات الاقتصادية التى تم الإعلان عنها خاصة أن المواطنين لا يشعرون بأثارها حتى الأن ؟

هناك كلام كبير تم الحديث عنه فى الإصلاح الاقتصادي إلا أن الأفعال محدودة وكثير منها يسير فى إتجاهات خاطئة والأمر لا يعد سوى محاولة من الدولة للتخلص من أعبائها بأسهل الطرق كالتخلي عن الدعم وتثبيت أجور الموظفين والمعاشات ورفع أسعار السلع والخدمات الأساسية والبحث عن مصادر تمويل من خلال الإقتراض الذي تجاوز حد الخطر وبالتالي فإن ما يحدث حاليا إصلاح مالي وليس اقتصادي لأنه لم يصل الى القطاعات الحقيقية فى الاقتصاد لتقديم حلول للمشكلات المزمنة أو التى استجدت وكل ما حدث هو تطبيق لروشتة الإصلاح المالي التى فرضها صندوق النقد الدولى وطبقت فى العديد من الدول ولم تحقق النجاح الذي تسوق لها السلطة حاليا .

– وماهو تقييمك للدور الذي تلعبه النقابات ومنظمات المجتمع المدني فى إيجاد حلول لمشاكل المجتمع ؟

منظمات المجتمع المدني تقدم خدمات كثيرة فى شتى مناحي الحياة وعلى سبيل المثال هناك 27% من الخدمات الصحية التى تقدم فى نطاق القاهرة الكبرى يقدمها القطاع الأهلي طبقا لتصريحات الأمين العام لاتحاد المؤسسات الأهلية وللأسف فإن العديد من الجمعيات التى تقدم خدمات اجتماعية وصحية للمواطنين تم التضييق عليها بسبب بضعة عشرات من الجمعيات تعمل فى المجال الحقوقي ومن بين هذه الجمعيات عدد أقل يحصل على تمويل أجنبي فى نطاق قانون يفرض عليهم أن لا يحصلوا على تمويل إلا بعد موافقة جهات إدارية وأمنية وأرى أنه يجب افتراض حسن النية فى الجمعيات التى تقدم خدمات وإعانات للمواطنين حتى يثبت العكس .

– وماهى رؤيتك للتجربة البرلمانية الحالية ؟

قلت عبر قبة البرلمان وفى أحاديث تليفزيونية أنه بالنظر إلى الأداء أو المنتج الذي يخرج من البرلمان الحالي فإنني أرى أن هذا المنتج هو الأسوأ فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية والمصريين يستحقون أداء أفضل من ذلك بكثير على كافة المستويات .

– وفى النهاية ماهى اقتراحاتك لإخراج مصر من أزمتها الراهنة ؟

لابد أن تكون هناك دولة قانون والذي يجب أن يطبق على الجميع بلا تمييز وعلى المؤسسات أن تقوم بواجبها وأن تتخلص من دولة الفرد وتعليمات الكبار كما نحتاج الى برنامج إصلاح اقتصادي يشرف عليه خبراء مصريين لتقديم حلول للمشكلات المصرية خلاف الحلول المستوردة من صندوق النقد الدولي فضلا عن إصلاح سياسي حقيقي فى دولة تتسع للجميع فضلا عن نظرة أعمق لملفات مصر الحيوية مثل مياه النيل ومصالحها فى محيطها الدولي والاقليمي كل هذه الحلول تبدأ أولا من دولة القانون والمؤسسات والاعتراف بأننا نعيش فى ظل أزمات اقتصادية وسياسية لن تجدي المسارات الحالية فى حلها .

حاوره / مصطفى عماره

إرسال التعليق