أزمات المنطقة وتراجع الدور المصري
منذ أن من الله على المسلمين أراد الله لمصر أن تقود العالم الإسلامي للدفاع عن قضاياه وهو ما كشف عنه رسولنا الكريم أن مصر في ربط إلى يوم الدين وكلما قامت مصر بالدور الذي أراده الله لها قويت وازدهرت وكلما تقاعست عن هذا الدور ضعفت وتراجعت وهو ما ظهر جليا عندما تصدت مصر لجحافل التتار والصليبيين ورغم أن محمد علي والذي حكم مصر في بداية حكم الأسرة العلوية لم يكن مصريا إلا أنه أدرك طبيعة هذا الدور فقام بضم بلاد الشام ووصل إلى حدود تركيا وكان يمكن أن يتمدد أكثر من هذا لولا تواطئ الدول الأوروبية ضده واستمرت مصر في لعب هذا الدور عندما خاض الجيش المصري حرب فلسطين عام 1948 بعد أن أدرك الملك فاروق خطورة المشروع الصهيوني على أمن مصر والمنطقة وعندما قامت ثورة يوليو كان البعد العربي من أولويات تلك الثورة التي قادها عبد الناصر فدعمت مصر حركات التحرر في اليمن والجزائر وخاضت تجربة الوحدة مع سوريا ورغم هزيمة 67 والتي كان من أهم أهدافها ضرب التوجه العربي لعبد الناصر إلا أن ذلك لم يثني عبد الناصر عن ممارسة هذا الدور وقال كلمته الشهيرة أن الضفة الغربية قبل سيناء والجولان قبل سيناء لأدراكه للهدف الحقيقي لتلك الحرب التي كانت تستهدف عزل مصر عن محيطها العربي ، وعقب رحيل عبد الناصر استطاعت إسرائيل وقوى الاستعمار أن تحقق حلمها القديم عندما وقع الرئيس الراحل السادات إتفاقية كامب ديفيد والتي عزلت مصر عن عالمها العربي وأثنتها عن أداء دورها في الدفاع عن قضايا العرب والمسلمين ، وفي ظل تراجع الدور المصري تم احتلال العراق وغزت إسرائيل لبنان وكنت أتمنى أن يصحح الرئيس السيسي هذا الخطأ بعد توليه السلطة خاصة أنه أبدى في خطابه الأول توجها نحو حماية الأمن القومي العربي ولكن للأسف استمر الدور المصري في التراجع وهو ما تجلى في غياب مصر عن لعب دور مؤثر فيما يجري في سوريا والتي تشكل جزء أساسي من الأمن القومي المصري تاركا لقوى أخرى كايران وتركيا العبث بأمنها ولم يكن الدور المصري أحسن حالا بالنسبة لقضية فلسطين والذي انحصر الدور المصري فيها في عقد اجتماعات بين الفصائل او إجراء اتصالات لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وقد انعكس تراجع الدور المصري في قضايا المنطقة على موقفها التفاوضي مع أثيوبيا الني أدركت مدى تراجع الدور المصري فتمادت في تسويفها ومما طالتها في ملف سد النهضة والذي يهدد أمن مصر المائي دون أن تتخذ مصر خطوة رادعة تعيد لمصر هيبتها في المنطقة ، ورغم الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي تمر بها مصر فإن مصر مطالبة وقبل أي وقت مضى أن تستعيد دورها في المنطقة حفاظا على أمنها القومي وأمن المنطقة وبدون عودة مصر لقيادة المنطقة فإن مخطط القوى الاستعمارية بتقسيم المنطقة والهيمنة عليها سوف يمضي قدما .. فهل تعود مصر للقيام بدورها قبل فوات الأوان ؟!
الكاتب الصحفي
د. مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بلندن
إرسال التعليق