زواج القاصرات يهدد الأمن الاجتماعي
تعتبر ظاهرة زواج القاصرات من أكثر الظواهر المؤديه للتفكك الأسري لما تشكله من خطراً يهدد الأمن الاجتماعي خاصه في الدول النامية ،وقد اخذت مؤخرا اهتمام كبير داخل المجتمع المصري لزيادة نسبة انتشارها ، حيث شهدت مصر
حسب بيانات رسمية أوردها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، تزويج اكثر من 124 ألف قاصر خلال عام 2017، وأكثر من 117 الف حالة العام الماضي، وسجلت غالبية هذه الحالات في المناطق الريفية والمناطق الفقيرة.
ووصلت نسب دعاوى إثبات الزواج في المحاكم المصرية لأمهات قاصرات في عام 2017 إلى نحو 16 ألف دعوى.
ووفقا للتقرير الدورى لخط النجدة بالمجلس القومى للأمومة والطفولة، بلغ عدد البلاغات التى تلقاها الخط حول زواج الأطفال وصل 61% من جملة البلاغات خلال هذا العام، أعلاها من محافظة الفيوم بنسبة 91%، تليها محافظة القاهرة ثم الجيزة، فالدقهلية فالشرقية، علاوة على بلاغات عن مأذون شرعى أو موثق يعقد قران بنات تتراوح أعمارهن ما بين «14 و16» سنة مقابل جمع المال.
وفي حوار مع عدد من القاصرات للوقوف على أسباب تفشي هذه الظاهرة وانتشارها الواسع
قالت ” أسماء . ن ” كان عمري 15 عاما عندما قرر ابي أن يزوجني من رجل يكبرني ب30 عاما رغم رفضي ورغبتي في الاستمرار في دراستي مع اقراني الذين كنت اتفوق عليهم ، لكن ثروة الرجل والهدايا الفاخرة اغشة بصيرة والدي فلم يعد يري سوي كم من المبلغ سيأخذ مقابل بيعي ”
واضافت اسماء بعد الزواج لم يكفي أن حُرٍمت من طفولتي ولكني حُرمت أيضا من حقي في التعليم واختصر الأمر كخادمة في بيت زوجي الثري الذي كان يعاملني معاملة البعير حتي مل مني وتزوج بقاصر آخري لتذوق ما ذُوقت أنا من العذاب .
وقالت ” س . م” ذات 14 عاما ” اخبرتني والدتي أن هناك من تقدم للزواج مني ، وكطفله لم اعلم ما معني الزواج ،فرحت لفرح أهلي لاجد نفسي بين ليلة وضحاها بعد ماكنت ألعب وامرح في الشارع مع اطفال الحي ، سيدة منزل يقع على عاتقها مسؤولية أسرة ، وواجبات اتجاه زوجها ووالدته ، التي كانت تبخ السم في حياتي وتحرض زوجي لضربي وتعنيفي ، حتي وصل بي الحال إلي تكرار محاولة الانتحار حتى خضع اهلي لفكرة الطلاق ، فقد تزوجت قاصر ، وطُلقت قاصر ”
قالت “سهام . ص” انا من عيله فقيرة وأبي رجل فقير يعمل فلاح ، لي 5 اخوات انا اكبرهم ، ومع أول فرصة بقدوم عريس سيدفع مهرا كبير ا ، لم يتردد والدي بزواجي لرجل يمتلك ثلاث اضعاف عمري مقابل عائد مادي كبير يستطيع ان يربي بهم اخوتي
وتضيف “سهام ” كان الرجل يريد من هذا الزواج أن أنجب له ولداً ليرث أمواله لأن زوجتيه لم تنجبا إلا بنات ولكن الله لم يرد لى الإنجاب فقد تكرر إجهاضي فى الشهور الأولى وبررت لى الطبيبة بأن السبب هو صغر سنى وأن جسدى لا يقوى على تحمل الإنجاب فلم يتحمل زوجى ذلك وطلقنى وعدت مرة أخرى إلى بيت أبى.
وفي نفس السياق فقد دفعت الجملة التي قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء احتفالية الإعلان عن الإحصاء الرسمي للدولة عن ظاهرة زواج القاصرات والزواج المبكر قائلا:” بأن عدد المتزوجات في سن 12 عامًا ليس بسيطًا.
ليدفع الحديث عن العقوبة الموقعة علي المسئولين عن ارتكاب جريمة “زواج القاصرات”
فقد تم وضع مجموعة من القوانين التي تحرم زواج القاصرات ، حيث ينص القانون المصرى رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ على اعتبار الزواج المبكر حالة من حالات الاتجار بالبشر تصل عقوبتها للمؤبد وغرامة ١٠٠ ألف جنيه على كل من له الولاية أو الوصاية أو المسئول المباشر عن تزويج الفتيات الصغيرات
وفي نفس السياق ، ألقت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية، القبض على مأذون شرعى بالشرقية تخصص فى تزوير المحررات لتزويج القاصرات.
وأكدت تحريات إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، أن “عبدالله.م -62 سنة”، “مأذون شرعى”، مقيم بدائرة مركز شرطة الزقازيق بالشرقية، ارتكب 107 واقعة تزويج قاصرات.
بالإضافة إلى ذلك، فقد نجح ضباط الإدارة العامة لمصلحة الأحوال المدنية بالغربية في إلقاء القبض على «هاني. ح. غ» 45 سنة، مأذون شرعي بقرية بلوس الهوي التابعة لمدينة السنطة في الغربية، بعد ارتكابه جريمة زواج قاصرات وضبطه وبحوزته 355 وثيقة زواج لقاصرات ، مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة من أسرة الشاب والفتاة لإتمام الزواج، وتحريره قسيمة زواج مزورة للزوجين
وعلق الدكتور أحمد يحيى ، استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السويس ، أن بعض الأسر تلجأ بالتضحية بابنائها من خلال ما يعرف بزواج القاصرات ، ويرتبط ذلك بعاملين هما الفقر والجهل، وللاسف توجد عصابات للسمسرة في بعض القري للمتجارة بهؤلاء القصر، خاصه لكبار السن و راغبي المتعه من الأثرياء العرب والمصريين وغالبا ما تفشل هذه الزيجات ، و يترتب عليها مشكلات اجتماعية ونفسية
واضاف يحيى أن هناك عدة جهات تشارك في تنفيذ هذه الجريمه في حق المجتمع، أولاها من يقوم بتسنين البنت بسن غير سنها الحقيقية ثم يليه المأذون الذى عقد القران، وثالثتهما الأهل والأقارب والجيران الذين يعلمون هذه الخطيئة، والأخطر من هذا كله ما صدر عن فتاوى الإخوان والسلفيين، وما سمعناه فى مجلس الشعب المنحل والتى كانت تنادى بجواز زواج البنت فى سن التاسعة وإذا كان لهذا الأمر تلك الثقافة الدينية المنحرفة، فلا نلوم الجهلاء من المواطنين ولكن نلوم هؤلاء الذين يسيئون استخدام الدين ويستغلونه أسوأ استغلال.
وفي نفس الإطار ، قال الدكتور جمال فرويز، الخبير النفسي، إن قرى الصعيد شهدت انتشارًا لزيجات الفتيات اللاتى لم يتخط عمرهن ١٣ عامًا لاعتقاد الكثيرين من أهالى تلك الفتيات بأن زواجهن فى تلك السن «سترة»، وأيضًا من باب تخفيف الأعباء المادية عن كاهلهم، وخاصة فى ظل الظروف المادية الصعبة التى يتعرض لها الكثيرون.
وأضاف فرويز، أن الفتيات اللاتى يتم زواجهن لم تصل أعمارهن إلى السن القانونية، مشيرًا إلى أنه فى حالة عدم تخطى الفتاة سن الزواج المحدد يتم الزواج عن طريق تحليل السنة أو أخذ شيكات على الزوج وغيرها من الطرق لحين إثبات الزواج رسميا بعد تخطيها السن القانونية.
وأشار الخبير النفسي، إلى أن الفتيات فى سن مبكرة لا يعرفن معنى مسئولية الزواج، ولكن تقتصر أحلامهن على ارتداء فستان أبيض يخفى وراءه إهانة لكرامتها وانتهاكا لطفولتها، مؤكدًا ضرورة معاقبة الأهالى من خلال تشريع قانونى لارتكابهم تلك الجريمة.
بينما قال النائب عبدالمنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن عددا كبيرا من أعضاء مجلس النواب تقدم بتشريعات خاصة بتجريم الظاهرة، والتصدى لها، مشيرًا إلى أن الحكومة أرسلت مشروع قانون إلى البرلمان، أحالته اللجنة التشريعية إلى شيخ الأزهر لإبداء الرأى فيه.
وأشار إلى أن القانون نص على عقوبات خاصة بزواج القاصرات، إلى جانب عقوبة تجاوز المأذون وإتمام الزواج لمن هن دون ١٨ سنة، مضيفًا أنه تقدم خلال دور الانعقاد الثالث بمشروع قانون خاص بتنظيم عمل المأذونين، تمت إحالته إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمناقشته والبت فيه.
وأكدت النائبة إليزابيث شاكر، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن انتشار ظاهرة زواج القاصرات يأتى بتدمير للقيم الاجتماعية والصحية، مشيرة إلى أنها عامل رئيسى فى ارتفاع نسبة الطلاق، نظرًا لافتقاد الفتيات فى تلك السن إلى النضج.
وأضافت، إلى أن نسبة نجاح ذلك الزواج منعدمة، نظرًا لأن الزواج يتم قبل بلوغ الفتيات السن القانونية، ونضجهن لتحمل أعباء الأسرة، مشيرة إلى أن بعض الفتيات ينخدعن فى بادئ الأمر بأن الزواج يكون ترفيهيًا ولكنها تفاجأ بأعباء ومسئوليات لا تستطيع تحملها، ما يؤدى إلى الطلاق.
وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر إن مسألة زواج القاصرات محل خلاف بين العلماء، وإن أجازه غالبية الفقهاء، والبعض منعه، والبعض جعل العقد فيه باطلًا ولا تترتب عليه أي آثار شرعية.
وأكد شيخ الازهر أنه لا يوجد نص صريح لا فى القرآن ولا فى السنة يبيح زواج القاصرات أو يمنعه ، و أن الأمانة العلمية حتمت عرض أوجه الخلاف بين العلماء وأسبابهم، مشيرًا إلى أنه بالنظر إلى مقاصد الشريعة إلى الزواج، نجدها تقف إلى جوار هؤلاء المانعين، حيث يكون الزواج بين طرفين لا يعرفان معنى الزواج أو على الأقل أحدهما لا يعني بالمسئولية، وبعد البلوغ تتغير نظرته إلى الزواج وقد تتحول الحياة إلى جحيم، حين يدرك ويعي، مشيرًا إلى أن زواج القاصرات يكون فيه نوع من المخاطرة
وفرق بين القاصرات بمعنيين، أولهما بمعنى ما دون البلوغ، وثانيهما بعد البلوغ مباشرة، دون اكتمال الفترة، التي تكون فيها الفتاة مستعدة ومهيأة نفسيًا وعقليًا للزواج، قائلًا: لا أظن أن زواج القاصرات ما دون البلوغ كان موجودًا أو حدث من قبل، وإنما ما ساد هو زواج الفتاة بعد البلوغ مباشرة، أو تنتظر حتى تبلغ.
وتابع أن هناك زواجًا بمعنى إبرام عقد، لمصالح معظمها مادية ومالية، بأن تكون الفتاة مُسماه لابن عمها، وعادة ما يكون الطرفان قُصر
إرسال التعليق