تونس ومصر
على الرغم من الفاصل الزمني بين ما حدث في مصر في 30 يونيو والذي حدث فى تونس في 26 يوليو إلا أن هناك ثمة تشابه ما بين ما حدث في البلدين ففي مصر اندلعت ثورة 2011 على النظام الفاسد والتي شارك فيها معظم طوائف الشعب وللأسف فإن الذين خرجوا في عام 2011 كانوا يرون أن إزاحة الرئيس مبارك سوف يخلص مصر من الديكتاتورية والفساد ولم يدركوا أن مبارك ليس هو المشكلة ولكن المشكلة كانت في نظام فاسد تغلغل في مؤسسات الدولة على مدى سنوات طويلة كما أن الثائرون لم يضعوا بديلا متفق عليه قبل رحيل مبارك وكان من نتاج هذا أن تسلقت قوى داخلية وعلى رأسها الإخوان الذين حاولوا إستغلال الثورة لتحقيق أجندتهم الخاصة وقوى خارجية رأت أن وجود نظام ديمقراطي في مصر خطر على اطماعها في مصر والمنطقة ، وللأسف فإن الإخوان بحكم عدم وجود خبرات سياسية لديهم واستعجالهم للوصول إلى السلطة فرحوا بتولي رئيس ينتمي لهم سلطة الرئاسة دون أن يدركوا أن هناك فخا نصب لهم للقضاء ليس فقط على تلك التجربة ولكن على تنظيم الإخوان ككل وأذكر إنني أجريت حوارا مع د. يونس مخيون رئيس حزب النور السلفي والذي قال لي انه طلب من مرسي عدم الترشح للرئاسة لأن ظروف مصر الحالية لا تسمح لأي رئيس أن يحقق برنامجه وأنه من الأفضل للإخوان البقاء في البرلمان كمعارضة ورغم اقتناعه بهذا الرأي إلا أن الإخوان كانوا مصممين على هدف سعوا إليه من عشرات السنين ووضعوا مرسي كواجهة فقط لتحقيق أهدافهم في السلطة كما أن الإخوان لم يدركوا أن الجيش في أي دولة هو اللاعب القوي والخفي والذي لا يمكن تجاهله لأنه يملك القوة التي كانت ولا زالت وسوف تظل الحاكمة في ميزان القوى بين الأفراد والمجتمعات أو الدول وكان طبيعيا بحكم كل تلك العوامل أن يسقط نظام الإخوان بعد مرور عام منذ توليه السلطة ودفعت مصر ولا زالت تدفع حتى الآن الخطة الكارثية الذي وقع فيه الإخوان على كافة الأصعدة وكان الشعب هو الخاسر الأكبر من تلك التجربة وللأسف فإن إخوان تونس المتمثلين في حزب النهضة كرروا نفس الخطأ الذي وقع فيه إخوان مصر وكان طبيعيا أن تنجح قوى الثورة المضادة التي تدعمها قوى إقليمية ودولية من ازاحتهم بعد ارتكابهم نفس الأخطاء وتحالفهم مع قوى الفساد ، ورغم اختلافي مع الإخوان ليس في الشعارات الدينية التي رفعوها ولكن في أسلوب إدارة الدولة إلا إنني كنت ولا زلت وسوف أظل أدافع دائما عن الديمقراطية وأن يكون الصندوق هو أساس الإختيار لأنه لا تقدم إلا بالديمقراطية وأن السلطة التي تأتي فوق إرادة الصندوق لن تحقق التقدم حتى لو كانت سلطة وطنية بل ستتحول مع مرور الوقت إلى سلطة ديكتاتورية مستبدة تحركها بطانة السوء التي لا تريد سوى تحقيق أجندتها الخاصة حتى ولو كان هذا على حساب مصالح الوطن وحرية شعبه .
الكاتب الصحفي د/ مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بلندن
إرسال التعليق