ثورة الجياع
في يناير 1977 أعلن الرئيس الراحل أنور السادات زيادة أسعار عدد من السلع بما فيها رغيف الخبز ولم تكن الأوضاع قد ساءت بمثل الأوضاع التي نعيشها اليوم وعقب هذا الإعلان اندلعت المظاهرات العارمة في كل أنحاء مصر وشلت الحياة العامة مما دفع السادات إلى طلب نزول الجيش بعد أن عجزت قوات الأمن عن صد المتظاهرين الغاضبين واضطر السادات في النهاية إلى التراجع عن قراراته بعد أن أدرك أن الأمور قد تتطور بشكل يهدد أمن واستقرار مصر في ظل اندساس عناصر مخربة تسعى إلى أحداث فوضى شاملة وكان يجب على الرئيس السيسي أن يستفيد من تلك التجربة خاصة في ظل حالة الغضب المكتوم للطبقات الكادحة بعد أن شهدت الأيام الماضية زيادة كبيرة في أسعار الكهرباء والمياه والعديد من الخدمات والوقود فضلا عن غموض الموقف المصري من أزمة سد النهضة وقيام أثيوبيا بالملئ الأول ثم الثاني دون وجود حراك حقيقي يردع أثيوبيا مما شجعها على التمادي في مخططها واستفزاز الجانب المصري بشكل لا يتناسب مع إسم مصر ومكانتها وحضارتها ورغم المشروعات الاعمارية التي قام بها السيسي خلال المرحلة الماضية كالعاصمة الإدارية والقطار الكهربائي إلا أنه كان من الأولى به التركيز على إقامة مشروعات إنتاجية تسهم في زيادة الدخل وتشغيل الشباب ، ومن منطلق حرصي كمواطن مصري حريص على أمن بلده واستقراره فإن أمانة الكلمة المجردة عن أي غرض وبعيدا عن الانتماءات الحزبية أو الانتماء لأي جماعة فإن من الواجب أن أحذر من خطورة المرحلة المقدمين عليها لأن النار تحت الرماد بعد أن طفح الكيل لدى الطبقات الكادحة والحريصين على مستقبل هذا الوطن من سوء الأوضاع التي نمر بها والفساد المستشري في كل مفاصل الدولة وغياب الرأي الآخر وأخشى ما أخشاه أن تنفجر ثورة الجياع في أي وقت لتدمر الأخضر واليابس خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي بعد أن فقد الشعب ثقته في النخب السياسية الموجودة على الساحة التي أثبتت الأيام أنها تسعى فقط لتحقيق أجندتها الخاصة البعيدة عن نبض الشارع وتطلعاته وحينئذ سوف تدفع مصر ثمن غالي من حاضرها ومستقبلها وحينئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .
مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بلندن
إرسال التعليق